المشكلة:
تعيش المجتمعات الإسلامية مرحلة تُعد الأسوأ في تاريخها فمن تخلف علمي ومعرفي الى تمزق نُسجها الإجتماعية الى حروب تعصف بمكوناتها المجتمعية وأعداء يحيطون بها من كل جانب فياترى ماهي أسباب ومُسببات ذالك وهل هناك إمكانية للخروج من هذه المعاناة.
الجذور في مرض الأبائية:
في تصوري أن المشكلة تكمن في مرض يصيب المجتمعات وهو ما أطلق عليه التنزيل الحكيم في كتاب الله الأبائية وهو التمسك بما الفينا عليه أبائنا وقد وجه كتاب الله نقداً شديداً لهذا المرض في أكثر من موضع والذي يجعل الإنسان خارج التطور لأنه يُلغي الزمن وفعله حيث يبقى الإنسان حبيس عصر ما وحبيس مشاكله ومعارفه وأدواته المعرفية وهذا مخالف لسنن الله وقوانين كونه وهي الغالبة.
حتمية التطور والتَغَيُّرمن سنن الله:
فبمسار التاريخ وتراكم المعارف وأدواتها تتغير المجتمعات ويتغير الناس وتتغير معها معارفهم وثقافاتهم وفقا لتغير المعرفة وأدواتها مما ينتج عنه إشكاليات جديدة مواكبة لهذه المتغيرات وهذه الإشكاليات تتطلب حلول لها مواكبة لزمانها ومكانها ومتغيراتهما المعرفية والإجتماعية وما صلح لمعالجة مشاكل عصر من العصور لا يصلح لمعالجة عصر أخر وهذه سنة التطور وناموسه.
الحاجة لحلول تواكب العصر وثقافته:
ومن هنا تبرز الحاجة الى استنباط معالجات وحلول تتفق مع ثقافة كل عصر وفقاً لمتغيراته المعرفية والزمانية وأدواته المعرفية بهذا الإستنباط يستطيع الإنسان معالجة مشاكل عصره وزمانه ومكانه، ويتناغم مع مسار التطور ومتغيراته نهظة وحضارة وإبداع معرفي وبمقدرة فذه على وضع الحلول لكل المشاكل التي تواجهه.
تساؤل مشروع:
وفقا لهذا التطور وسننه يبرز تساؤل لماذا نجد أمة الرسالة المحمدية في أدنى درجات سلم التطور والحضارة، تعصف بها الإشكالات والمشاكل من كل حدب وصوب؟
ويلّي هذا التساؤل تساؤل أخر هل دين الإسلام الذي خُتمت به رسالات الله بالرسالة المحمدية الخاتم قَدّم مفاهيم على مستوى الإنسان وعلاقته بأخيه الإنسان والكون تُمكننا من فهم المتغيرات الزمانية والمكانية على مستوى المتغيرات المعرفية وأدواتها والتعايش معها ومعرفة إشكاليتها واستنباط الحلول المناسبة لها؟
عصر الأبائية:
علينا للإجابة على هذه التساؤلات معرفة تاريخ العلة وكيف نشأت وذالك بأن نعرف العلاقات التي كانت قائمة في ذالك العصر حيث كانت العلاقات الإنسانية والإجتماعية والأسرية علاقات تهيمن عليها القبلية والعشائرية والرق والسبي والإستبداد والتفوق الذكوري ، هذه العلاقات طبعت فقه تلك الفترة بواقعها ومعارفها فعالج الفقه مشاكل ذالك الواقع بمتغيراته وأنتج فقها تلك الفترة فقها عظيماً قياساً لزمانهم ومكانهم ومعارفهم وأدواتها واستحقوا أن يكونوا عظماء عصرهم.
الخلل:
ما يحدث اليوم أن البعض يريد الغاء التطور وتجميد المتغيرات الزمانية والمكانية في تلك الفترة مما استوجب انعدام انسجام الأمة بواقعها المعاش وبدت الحلول المقدمة وكأنها لعالم أخر غير عالمنا الذي نعيشه.
من هنا نشأت إشكالية المسلمين اليوم إنهم يعيشون القرن الخامس عشر الهجري بكل متغيراته المعرفية والإجتماعية والثقافية وبأدواته المعرفية وما نتج عنها من إشكاليات على كل المستويات المعرفية والعلمية والفكرية والتربوية والإجتماعية والسياسية والإقتصادية هذه الإشكاليات يتم وضع حلول لها بمفهوم فقهاء القرن الثاني الهجري فمفهومهم ذالك عالج مشاكل عصرهم ولكنه لا يستطيع معالجة مشاكل عصرنا لأنه غير مستوعب لعصرنا ومتغيراته فنشأ عن ذالك عجز عن حل مشاكلنا لعدم توافق تلك الحلول مع المشاكل مما جعل الأمة الإسلامية تعيش الحاضر بمعارف الماضي فتوقف بها الزمن ولم تعد قادرة على حل مشاكلها المعاصرة ولا على الإبداع .
كتاب الله ومعالم الطريق:
وصف الله كتابه بأنه نور وهداية فيه نور يبدد ظلمات مسارنا نحو الله وكيفية التعامل مع قوانين كونه ومخلوقاته ومتغيرات الزمان والمكان ومعارفهما وأدوات المعرفة وهو يرسم لنا خريطة الهداية التي من خلالها نسير لنقوم بدور الإستخلاف والعبادة وهما الوظيفتان التي من أجلهما خلق الله الإنسان، فنعمر الأرض
بعبادتنا لله ونفوز بالحُسنين.
إن أيات التنزيل الحكيم وضعت الإنسان فرداً ومجتمع ذكراً وأنثى وأعطت الأسرة زوجاً وزوجة أبً وأما وأولاد اهتماما كبيرا فأتت أيات التنزيل الحكيم لتضع أسس التعامل وما يجب أن تكون عليه العلاقات بين هؤلاء جميعاً.
المخرج والحل:
علينا أن نعيش عصرنا وزماننا وفق مسارهما الزمني والمعرفي ونعالج مشاكلنا وفقاً لمعارف عصرنا مهتدين بدين الله المتمثل بكتاب الله وصحيح سنة الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام هنا تلتقي فطرة الله بكلام الله فينطلق نور الإيمان الحق داخل الإنسان ليستوعب كلمات الله في الوجود الكوني والإنساني والمعرفي فيبرز الإنسان المبدع المُستخلف ليقوم بدوره في زمانه ومكانه وفي قصة أهل الكهف عبرة.