تحقيق النصر ليس مستحيلاً، متى أُستكملت شروطه، المبنية على شرطين الأول: اتباع سنن الله وقوانينه، في القوة، والإعداد والعتاد، وهذا عطاء الربوبية لكل خلقه، المسلمون، والمجرمون، والكافرون.
الثاني: اتباع المنهج الإيماني القرآني، للمؤمنين، من خلال تحقيق شروط الإيمان الحق، وأولها صدق الإيمان بالله وحده دون شريك، ومعه أن تكون الجندية لله ولرسالته، ويكون القتال في سبيل الله ودينه، وفي سبيل الحق، والمستضعفين، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، وإعداد الاستطاعة من القوة، والتوكل على الله، والثبات، وعدم تولي الأدبار، وهنا يتجلى وعد الله بنصره للمؤمنين، ولو كانوا قلة، في العدد والعتاد، فهم أكملوا شروط الإيمان والإعداد للنصر بما استطاعوا من جانبهم، ويصدقهم الله وعده بالنصر، يقول سبحانه
﴿وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِينَ * إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ﴾ [الصافات ١٧١- ١٧٣]،
﴿….. فَٱنتَقَمۡنَا مِنَ ٱلَّذِینَ أَجۡرَمُوا۟ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَیۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [الروم ٤٧]
﴿وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ﴾ [الأنفال ٦٠]
﴿وَمَا یُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ﴾ [يوسف ١٠٦]
سبقت كلمة الله بنصر جنوده، فهم الغالبون، علينا فقط تحقيق شرط الجندية لله، وهو سبحانه سيحقق وعده، وشروط الله لا تحابي، فعندما اختل شرط الجندية، والإيمان في أحد، وغلب جشع الفيد والغنيمة، هُزم المسلمون، ومعهم رسول الله، فنصر المؤمنين حق على الله، وعليهم فقط، تحقيق شروط الإيمان الحق بالله، كما أراده الله، وانتقام الله من المجرمين حق لا مهرب منه، علينا أن لا نكون مشركين بإيماننا بالله، كما وصف الله.
ولم يأمرنا الله بأن نعد مثل ما أعدوا، بل أمرنا بإعداد ما نستطيع، من قوة ورباط، وأمرنا الإنفاق في سبيل الله، والباقي سيتكفل به الله يقول سبحانه:
﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَخۡرَجَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن دِیَـٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن یَخۡرُجُوا۟ۖ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَیۡثُ لَمۡ یَحۡتَسِبُوا۟ۖ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ یُخۡرِبُونَ بُیُوتَهُم بِأَیۡدِیهِمۡ وَأَیۡدِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فَٱعۡتَبِرُوا۟ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ﴾ [الحشر ٢]
لقد قذف الله في قلوبهم الرعب، ولم تمنعهم حصونهم من أمر الله، أتاهم أمر الله من حيث لم يحتسبوا، أخرجهم من ثكناتهم وقواعدهم ومعسكراتهم، فريقاً تقتلون وفريقاً تأسرون.
﴿….. وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣰّاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلࣰا﴾ [النساء ١٢٢]
﴿وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلࣱ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُوا۟ عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا۟ وَأُوذُوا۟ حَتَّىٰۤ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَكَ مِن نَّبَإِی۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ﴾ [الأنعام ٣٤]
﴿…….قَالَ ٱلَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [البقرة ٢٤٩]
والأمة اليوم هي في موقف البأساء والضراء والزلازل هذا الموقف الذي وصفه الله بقوله
﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلِكُمۖ مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَاۤءُ وَٱلضَّرَّاۤءُ وَزُلۡزِلُوا۟ حَتَّىٰ یَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ أَلَاۤ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ﴾ [البقرة ٢١٤]
واليوم المؤمنون المقاومون في غزة، يجدون أنفسهم، والناس قد جمعوا لهم ليخشوهم، وهم يؤكدون حسبهم الله ونعم الوكيل، فقد حققوا شروط النصر، بصدق الإيمان، والثبات، وإعداد الاستطاعة، وهذا الموقف يصفه الله بقوله
﴿ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ﴾ [آل عمران ١٧٣]
اليوم تداعت الأحزاب وتجمعت، لتهزم المؤمنين، كما تجمعت من قبل، عبر مراحل التاريخ، منذ عصر الرسالة، مروراً بكل الغزاة، من صليبيين ومغول واستعمار، هو تاريخ يتكرر، وقد وصفه الله في سورة الأحزاب في الآيات التي تبدأ بهذه الآية ﴿إِذۡ جَاۤءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠﴾ [الأحزاب ١٠] حتى تنتهي بالآيات ٢٦ و٢٧ بقوله سبحانه ﴿ ﴿وَأَنزَلَ ٱلَّذِینَ ظَـٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن صَیَاصِیهِمۡ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِیقࣰا* وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِیَـٰرَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُمۡ وَأَرۡضࣰا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣰا﴾ [الأحزاب ٢٦، ٢٧].
هذا وعد الله وقوله فليس هناك من هو أصدق من الله قيلا، فقوله الحق ووعده حق ولا مبدل لكلماته.
علينا اليقين، بأن نصر الله حق، لمن يحقق شروط الله للنصر، وهذا هو نصر الله لجنده، ووعده الحق، وكلماته التامات، نراه بصائر وحقيقة بائنة في غزة، لقد حققوا شروط الإيمان بالله، والجندية له، والإنفاق في سبيله، وإعداد ما يستطيعون من قوة.
كتاب الله حق، بَيّنَ، وفَصَّلَ، كل شيئ، عودوا لكتاب الله، ولا تهجروه، فيه دينكم، وأخوتكم، وحياتكم، ومجدكم، ونصركم، وحضارتكم، إتركوا كتب الناس، التي مزقتنا، شيعاً، وأحزاب، ومذاهب، نقتل بعضنا ونُكَفِّر بعضنا، ونكره.
جمعتكم عودة لكتاب الله، وأخوة الإيمان، ونصركم ومناصرتكم لبعضكم،
د عبده سعيد المغلس
٢٧-١٠-٢٠٢٣