قيل إن أحد الحكماء في أحد الأصقاع قال للحاكم (اسرق كما تشاء واعبث كما تشاء في الحاضر، لكن لا تمس المستقبل الذي لن تكون فيه) فقال له الحاكم (طالما لن أكون فيه، فكيف لي أن أعبث فيه؟) قال الحكيم (لا تعبث في التعليم).
التعليم هو مقياس نجاح المستقبل، وجودة التعليم هي الترمومتر الذي من خلاله يمكن قياس ملامح الغد، وتجارب الشعوب التي نهضت تحكي لنا أن أولى خطوات النهوض كانت الاهتمام بالتعليم، وأولى شروط النجاح تكمن في معلم يدرك حجم وخطورة مهمته كصانع للمستقبل لا مجرد موظف كيفما اتفق.
رغم رداءة التعليم وعدم كفاءة بعض المعلمين إلا أن شيئًا أفضل من لا شيء، فكل الأسر، تقريبا، تتولى تعليم أبنائها في البيوت وغالبا ما يعتمدون على وزارة التربية والتعليم ومدارسها لخوض الامتحانات ونيل الدرجات فقط، وهذا ليس تعميمًا ولكنه في الأغلب الأعم.
كنت من الناس الذين لم يتقبلوا حديث مدير امن عدن حول التعامل بحسم مع مسألة إضراب المعلمين لكن أن تصدر نقابة المعلمين بيانًا بالاستمرار في الإضراب لعام دراسي آخر فهذا يجعل الحسم أمرًا لا مفر منه.
كل شرائح المجتمع تعاني من تدني الأجور لكن المسؤولية الأخلاقية تجاه المجتمع تقتضي ألا تتعطل مصالح ومصائر الناس ولنا في موظفي الصحة العامة خير مثال، فرغم تدني أجور العاملين في الصحة إلا أن المشافي الحكومية والمجمعات الصحية تعمل بانتظام.
على الرغم من الخطوات الجبارة التي اتخذتها حكومة دولة رئيس الوزراء فيما يخص الإصلاحات المالية إلا أن صناعة مستقبل وطن يمثل أهمية اكبر وعلى ذلك فان التعليم يحتاج وقفة جادة بنفس قدر جدية الإصلاحات التي سبقت الإشارة لها، ولوضع حد لذهنيات معلمين يصنعون الجهل فإننا نقترح على وزارة التربية والتعليم أن تعلن موعد بدء العام الدراسي الجديد وأي معلم لا يباشر عمله يتم فصله من الخدمة مع احتفاظه بحقه القانوني في المعاش التقاعدي ويتم تعويض النقص في المعلمين بالتعاقد مع خريجي الجامعات الذين لا يجدون عملا... التعليم هو مستقبل وطن وكفى..