أعلن مؤخراً - وبصورة رسمية - عن مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، وبرغم أن الإعلان قد تأخر بعض الوقت لغرض مزيد من الترتيبات والتحضيرات، إلا أن قيام المجلس يعتبر بحد ذاته خطوة متقدمة وهامة ومطلوبة، تمثل البداية الصحيحة والحقيقية لـ(ربيع جنوبي) قادم، بات ينتظره كل الجنوبيين بفارغ الصبر، من المهرة حتى باب المندب، فقيام مثل هذا المجلس كأول اصطفاف سياسي جنوبي منذ حرب 1994م، وفي مثل هذه الظروف الاستثنائية، التي تعتبر مواتية للغاية - من حيث الزمان والمكان - وفرصة ثمينة لا تتكرر، بات أمرا مهما كثيراً بالنسبة للقضية الجنوبية، خاصة وأن مكونات حراكية في الساحة الجنوبية تعيش انقسامات وتشظيات وافتراقات منذ أن نشأت، تكاد تعصف بمسار الثورة الجنوبية وتوجهاتها، التي يرى فيها الجنوبيون بارقة أمل لاستعادة وطنهم الجنوبي المسلوب والمنهوب والمصادر والمؤمم من قبل (الشمال) باسم الوحدة اليمنية، التي قضت نحبها في 7 يوليو 1994م.
الإعلان عن مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، والعمل على لمّ شمل المكونات الحراكية المشتتة وتقريبها هو الأساس للفعل الجاد في مسار حلحلة القضية الجنوبية، والارتقاء بها إلى مستوى متقدم، في سياق نضال شعب الجنوب المقهور والمضطهد والمقموع، فالوقت قد حان لوحدة كافة المكونات الجنوبية وقياداتها أيضاً، في الداخل والخارج، فالقضية الجنوبية بحاجة الآن - وبصورة عاجلة لا تقبل التأخير - إلى جهد كبير، ونضال لا يكل (داخلي) يلازمه تحرك خارجي فاعل ونشط وواسع.. إعلامياً وسياسياً ودبلوماسياً، حيث يلاحظ أن النشاط الإعلامي الجنوبي على مستوى الخارج ضعيف للغاية، ولم يرتقِ إلى مستوى متطلبات القضية الجنوبية للتعريف بها على الصعيد الدولي، وهذا لا يمنع من الاستعانة بخبرات مهنية محترفة ومتخصصة في هذا المجال، خدمة للقضية الجنوبية وبصورة لائقة، كما أن النشاط السياسي والدبلوماسي مثله مثل النشاط الإعلامي من حيث الضعف وعدم الفاعلية، التي يفترض أن يكون عليها!.
نحن نبارك قيام مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، وفي ذات الوقت نتحسر على تلك المكونات التي تعيش حالة من التشتت والافتراق والانقسام، لهذا على بقية مكونات الحراك الجنوبي الموجودة في الساحة أن تسارع في الالتحاق بقطار مجلس الإنقاذ، كمعطى إيجابي نحو الفعل الجاد والمساعي الصادقة لوحدة المكونات الجنوبية جمعاء، تحت مظلة واحدة يجمعها قاسم مشترك واحد - وإن اختلفت الرؤى - وهو القضية الجنوبية بكل تفاصيلها، فالمرحلة دقيقة وحساسة، واللاعبون في الميدان كثر، والبدائل في طابور الانتظار لا تحصى ولا تعد، وهي فقط تتحين الفرصة السانحة.
فعلى القيادات الجنوبية الفاعلة أن تدرك هذه المخاطر، وأن تستوعب أن هناك مؤامرات - متعددة ومتنوعة - على القضية الجنوبية تحاك في الخفاء من الداخل ومن الخارج للالتفاف عليها وإبقائها في دائرة المراوحة والمساومات، وهذا لن يرضى به شعب الجنوب وسيقاومه وسيفشله بكل الوسائل السلمية، لأنه وصل إلى مرحلة لم يعد باستطاعته فيها أن يتحمل المزيد من القهر والمعاناة والظلم باسم (وحدة) قد غابت شمسها، وأفل نجمها، وذهب بريقها، وتلاشت وانتهت منذ 7 يوليو 1994م المشؤوم، والله المستعان.
* الأيام