قــهــر الــوطــن

2014-10-19 20:49

 

حينما يقهر الإنسان أخاه الإنسان بغياب العدل وفقدان العقل والوجدان، حينما تغيب الحكمة والإيمان، حينما يصير الوطن ساحة للعنف وتصفية الضغائن والأحقاد، حينما يفجر الإنسان نفسه ليقتل الجميع وهو ضمن الحسبة، حينما يغيب الحب والتسامح والإخاء والتراحم والود هل يبقى وطن للعيش؟. طبعا يتحول إلى غابة ينهش فيها القوي الضعيف، والمسلح الأعزل، يتصارع الشياطين ويموت الأبرياء.

 

لا تجد أمامك وطنا وأنت تشاهد السلاح يحمله الأطفال والشباب والنساء والكبار، السلاح هو زينة الرجل، فلا تجد وطنا لأن الوطن هو حضن دافئ يحميك ويؤمنك من خوف، ويشعرك بالسلام، الحضن الذي يغذيك بالحب وترضع منه الخير والإخلاص والتفاني والثقافة الإنسانية بكل صورها، الحضن الذي تشعر فيه بالاستقرار، أين هذا الوطن؟ سلبوه منا صادروه اغتالوه أعاقوه!.

 

في وطني أشخاص كثيرون يحاولون أن يعالجوا نتائج المشاكل دون أن يعالجوا أسبابها، وتبقى الأسباب قائمة تؤدي إلى نفس النتائج لهذا ننتقل من صراع إلى صراع ومن منعطف إلى آخر حتى تكونت لدى البعض قناعات أن جزءا من هذا الوطن لا يتقبل العيش في كنف دولة نظام وقانون، والتعايش مع الآخر.

 

الجنوبيون انتظروا أن يثبت لهم إخوانهم في شمال الشمال إمكانية بناء دولة عادلة، دولة المواطنة المتساوية، وأن يثبتوا حسن الشراكة والتعايش، لكنهم فشلوا في ذلك، فإلى متى ننتظر، علينا أن نشق طريقنا نحو المستقبل ونرسي دعائم الدولة المدنية.

 

الوطن هو أغلى شيء، لذا يجب علينا أن نحميه وندافع عنه ونكون دائماً على أتم استعداد للتضحية من أجله، وأن نفديه بأرواحنا. فهل نحن قادرون وعلى استعداد؟.

 

الكل اليوم يتحدث باسم الوطن، ويتشدق بحمل السلاح لأجل الوطن، ويقتل أبرياء في خدمة الوطن، صار الوطن مطية وهم له عابثون ناهبون متربعون، ونحن من حولهم مرعوبون طائعون، وهم فينا شامتون، هل يستحق منا الوطن هذا؟!.

 

الوطن بدون دولة يفقد فيه الإنسان كرامته وعزته وشرفه، فلا تسلموا وطننا لمن لا يستطيع أن يكوِّن دولة ترسي نظاما للتعايش والمواطنة لنعيش بسلام وأمان وحب ووئام دون صراع وحروب ومليشيات وسلاح متاح للصغير والكبير.. أعيدوا لي وطني لأعيش فيه!.

* الأيام