ربما لم يدر بخلد الرئيس هادي ـ وهو يتسلم في حفل بهيج وبحضور وطني وعربي وأممي واسع (شهادة الفوز) في الانتخابات من قبل رئاسة مجلس النواب في فبراير 2012م ـ أن (كرسي الرئاسة) الذي سيجلس عليه خلال فترة العملية الانتقالية هو (كرسي ملغوم) تم تفخيخه بعناية فائقة، بمشاكل وتحديات ومصاعب من العيار الثقيل والخطير لا تنتهي ولن تنتهي في كل المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتصارُع رموز السلطة السابقة ناهيك عن قضيتي (الجنوب وصعدة) وهما القضيتان المعقدتان اللتان أراد الرئيس السابق صالح أن تبقيا دون حلول لبعض الحسابات واللُعَب السياسية حينها، وشاءت الأقدار أن تكونا من أولى القضايا الصعبة والكبيرة والمهمة المراهن عليها، التي وضعت على طاولة مهام الرئيس هادي وهو يباشر مهامه من أول يوم جلس فيه على كرسي الرئاسة..!.
كان الرجل يعتقد أن أمور البلاد ستسير على خير ما يرام، خاصة بعد أن نجح إلى حد ما في نزع فتيل المواجهة بين القوى المتصارعة فيما عرف بثورة فبراير 2011م التي أدت إلى رحيل الرئيس السابق صالح وحاشيته من السلطة، وقيامه بهيكلة الجيش والأمن وإن كان إسميا وشكليا، وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، ولكن الذي حدث هو العكس، فما أن تمكن الرئيس هادي من إنجاز تلك القضايا حتى ظهرت على السطح مشاكل أخرى لا تقل تعقيداً وخطورة عن سابقاتها، وكانت معظمها مفتعلة هدفها وضعه كرئيس في فوهة المدفع وفي مأزق وموقف لا يحسد عليه لمواجهة التحديات بنفسه، خاصة وأن حزبه المؤتمر الشعبي العام قد خذله كثيراً في منعطفات حاسمة وبالتالي إفشاله عن أداء مهامه الرئاسية، فما جرى ويجري الآن في الساحة الوطنية إلا خير دليل على ذلك، فالعاصمة صنعاء تبدو الآن وكأنها خارجة عن السيطرة، والانهيار العسكري والأمني يلفها من كل جانب، وبقية المحافظات الأخرى تعاني من الأعمال المروعة للقاعدة وخاصة حضرموت والبيضاء وقبلهما مأرب وشبوة وأبين ولحج وعدن أيضًا.
لقد ظهر الرئيس هادي مؤخرا وهو يستقبل سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية والداعمة لليمن منهكا ومتعبا بصورة لافتة، فالرجل غدا يعاني الشيء الكثير، والمهمة أمامه أصبحت صعبة ومعقدة للغاية، والأمور تتجه نحو الانزلاق الخطير والفوضى المرعبة، إذا لم يتم تلافيها والسيطرة عليها بتعاضد كل الأحزاب وقوى المجتمع برمتها وبدعم وتعاون حلفاء وأصدقاء اليمن على الصعيدين الإقليمي والدولي، والأيام القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت، وما دخول الحوثيين إلى العاصمة صنعاء وسقوطها في أيديهم بكل يسر إلا بداية السيناريو القادم الذي ينتظر اليمن شمالاً وجنوباً، فالقضية أكبر وأخطر من أن تكون قضية مطالب بإلغاء الجرعة وتغيير الحكومة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهذا ما يجري الآن على الواقع.. وأنتي افهمي يا جارة!.
* الأيام