أعلن مؤخرا في عدن عن تشكيل مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، وهي خطوة طيبة تستحق التقدير والاحترام والثناء للقائمين عليها، حيث كان الجنوبيون ينتظرونها منذ وقت بعيد، وقد لاقت ترحيبا واسعا من عدد واسع من المكونات الجنوبية في الساحة، وبين أوساط المنظمات المدنية والشخصيات الاجتماعية ومن المستقلين أيضا الذين باركوا هذه الخطوة وأعلنوا انضمامهم إلى هذا المكون الوطني الجنوبي الخالص.
لا شك في أن الإعلان عن مثل هذا المجلس في مثل هذه الظروف الحساسة يحمل دلالات سياسية ووطنية عميقة، ينبغي على المنخرطين والمشاركين في تأسيسه أن يستوعبوا باهتمام مهام ومتطلبات المرحلة الراهنة وما يواجه القضية الجنوبية وحاملها السياسي (الحراك الجنوبي) من وهن وإخفاقات وتشرذم وتنافر وتآمر أيضا، لهذا بات من الضروري الآن ألا يتأخر كثيرا إنجاز مهام ومصفوفة برنامج عمل هذا المجلس، والإعلان عن قياداته على مستوى كل الجنوب وهياكله التنظيمية ورؤيته السياسية التي يحملها بصورة واضحة وشفافة لكيفية حل القضية الجنوبية وحلحلتها، بما يلبي طموحات وتطلعات شعب الجنوب الصابر، الذي يتطلع إلى الحرية والخلاص واستعادة دولته المخطوفة، خاصة إذا ما عرفنا أن هناك الكثير من المكونات الجنوبية في الساحة، لدى كل منها رؤى تختلف عن الأخرى، في كيفية حل القضية الجنوبية، وليعلم جميع الجنوبيين - خاصة القيادات في الداخل والخارج أيضًا - أنه كلما أخفقوا في التقارب والتوافق والاتفاق أصيب شعب الجنوب بالإحباط وخيبة الأمل، وأصيب الحراك الجنوبي في الساحة بالوهن والفتور والانحسار والتراجع، وهذا بالطبع يؤدي إلى اتساع حالات الافتراق والتنافر والخصومات بين مكوناته، وهو ما يصيب القضية الجنوبية في مقتل، ويتسبب بالتالي في إفراز انعكاسات سلبية تضر بها عاجلاً أم آجلاً، وبالذات في ما يتعلق بالتعاطف والتعامل الإيجابي معها، على المسارين الإقليمي والدولي!.
إن المرحلة الراهنة تقتضي على أقل تقدير تقارب القيادات والمكونات الجنوبية وانسجام وتناغم وألفة الصف الجنوبي بمختلف مسمياته السياسية والمدنية على مستوى الساحة الميدانية إن لم تكن وحدته بما يلبي حاجة الدفع بالقضية الجنوبية إلى الأمام، وهذا لن يتحقق إلا بمزيد من التقارب وتعزيز الثقة بين المكونات الجنوبية، والابتعاد عن التنافر والتشظي وحالات الفرقة، ومغادرة صراعات ومؤثرات الماضي، التي للأسف ما يزال بعضها يستحكم في قناعات وعقليات وأهواء بعض من قيادات المكونات، وكأنها لم تتعلم بعد من أهوال ومساوئ الزمن، ومفاسد حب السلطة والكراسي، والوقوع في نزع البرجماتية السياسية، التي غالبا ما تؤدي إلى كوارث مفجعة ومدمرة، تضر بالأوطان والشعوب، وهذا ما عانى منه شعب الجنوب كثيرا!.
لقد سعد غالبية الجنوبيين إيما سعادة عند سماعهم إعلان تشكيل مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، وشعب الجنوب يبحث اليوم عن من ينقذه من (مأساة الوحدة) التي حلت به وما تعرض له الجنوب من الشمال، من نهب منظم لثروته وأراضيه وتحطيم وقتل معنويات أبنائه وكوادره من مدنيين وعسكريين وتهميشهم، والرمي بهم في البيوت إلى حد الموت البطيء.
ونأمل من جميع الجنوبيين التفاعل الإيجابي مع هذا المجلس، ففيه أمل كبير في تذويب كل نزعات الاختراق والتباعد والتشرذم، بين المكونات الجنوبية، والتأسيس لعلاقات متكافئة وشفافة، تجمع بين كل المكونات، على قاعدة (الندية والشراكة والثقة) التي تخدم القضية الجنوبية، وتدفع بها نحو الأمام، إلى المكان الذي يليق بها في ساحة مجلس الأمن الدولي وأروقة هيئة الأمم المتحدة، بما يمكنها من انتزاع التعاطف الأممي مع شعب الجنوب ودعم وتأييد قضيته العادلة، حتى تحقيق أهدافه في تقرير المصير واستعادة دولته المؤممة من قبل الشمال تحت مسمى الوحدة والفرع عاد إلى الأصل، وتحقيق الحرية والعدالة والمساواة، فالعالم اليوم يتعامل مع مكونات مجتمعة وموحدة، وليست متفرقة متشرذمة، والحليم تكفيه الإشارة.. مع تمنياتي للإخوة والزملاء في مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي بالتوفيق والنجاح.. والله من وراء القصد.