حتى لا تكون ثورة الجياع للشباع مرة ثانية؟!

2021-06-10 01:40

 

في عام 2011 م والذي يحب أن يسميه البعض بعام الخيام،والبعض يسمية بعام ثورة الشباب والصدور العارية وعام الهبة الشعبية ،أتذكر كم كنا مزهوين ومنتفخين ونحن نشارك بتلك الأحداث التي سميناها ثورة،حتى وصلنا اليوم لنلعن أنفسنا ونكتشف غبائنا،وضياع عقولنا.

 

الثورة كانت في البداية صحيحة ومستحقة لمظلومي وجائعي الشعب اليمني بجدارة حتى تهافت عليها الشباع والمتخمين والفاسدين من أزلام النظام السابق ليستخدموها في تصفية الحسابات مع بعضهم  البعض ،فالتحق بالجياع آل الاحمر والاجنحة العسكرية الموالية لهم،ومجموعات من الشباب الطامح بالمال والبائع بارخص الأثمان وانقلبوا على الثوار  الحقيقين داخل الساحات وبدأ اصحاب النفوذ والأموال ومن يمتلكون الإعلام والعلاقات الدولية بتجريف جهود المظلومين والكادحين ليحافظوا على مصالحهم داخل ما يرسموه ويخطوه من نظام قادم، فوصلنا اليوم إلى مشهد مؤلم ومحزن ومخزي جعلنا نكفر بكل الثورات، ونندم على كل خطوة خطيناها مع شرذمات المصالح المتاجرين بمعاناتنا ،حتى لم نجد من اولئك أي فعل في الميدان يترجم ما رفعناه وما هتفنا به من شعارات في ذلك الحراك الثوري الذي استمر سلميا ما يقارب ثلاث سنوات.

 

بعد كل التضحيات لم نر مسؤلا واحد يستحق الاحترام ،فحضرحكم العصابات والمليشيات الاجرامية،لتعبث بنا  ويتشرذم الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربة، ولم نسمع أو نر إلا الشر والجوع والخوف والامراض والنهب والسلب ،فغابت الدولة وسقط النظام في وحل وعفن العصابات القديمة الجديدة التي جنت على ثورتي سبتمبر وأكتوبر ونجست طهارتها وصفاء ونقاء أهدافها.

 

ثورة الصدور العارية أختطفها أصحاب الكروش البادية، وتحولت إلى مأساة في حياة شعب لم يذق طعم النعيم والراحة والاستقرار على امتداد تاريخه الطويل، اعطت تلك الهبة فرصة للكثير من أبناء الشوارع الذين لم يكن لهم هدفا وطنيا ولم يعرفوا يوما معنى الانتماء للوطن ليصبحوا بظرف الحرب حكاما حقيقيين في كل المناطق والمحافظات اليمنية ،يمتطون السيارات الضخمة ويسكنون الفلل و العمارات الفارهة والثروات الطائلة،ولم يستطع أحد أن ينطق ليسأله: ,من أين لك هذا ؟

 

 

 وحتى لا نُلدغ من جحر مرتين اليوم في تعز وغيرها من المدن اليمنية نسمع عن حراك ثوري للجياع،وهذا حق أصيل من حقوق الشعب، والجائعون هم أصحاب  براءة  الاختراع ولا يحق للمتخمين والشباع أن يلعبوا دور الضحية والجلاد في نفس الوقت حتى لا يختلط الحابل بالنابل،وحتى لا تكثر أصوات الديوك في ليلينا المظلم فتضيع ثورتنا كما ضاعت سوابق الثورات.

 

 

نحن بحاجة ماسة لنستفيد من ماضينا القريب جدا،وما زالت أثر فؤوس الأغنياء والمتخمين والفاسدين ظاهرة على رؤوسنا وعلى أجسادنا وعلى كل ما يتعلق بحقنا بالعيش الانساني الكريم.

 

نحن بحاجة إلى فرز حقيقي للمظلومين ليكونوا كتلة انسانية صادقة تسعى نحو الخلاص من حكام الأمس وقبل الأمس،مهما تعددت مشاربهم وألوانهم السياسية ومهما كان قربهم منا سياسيا بالمسميات الحزبية المتعددة، ولندع الظلمة والمنافقين والمترددين والمتخمين بالمال الحرام  واصحاب المصالح الضيقة في كتلة بشرية واحدة،ليكون ناموسا وشرعة الله سارية فينا،ولنبدأ السباق في مضمار الصراع بشكل سليم وصحيح ،دون خلط للاوراق.

 

علينا أن نستفيد من ماضينا فلا نقبل من يعتذرون لنا الأن، ممن شاركوا في الحكم خلال السبع السنوات الماضية ،فيسارعوا إلى تأييد ثورة الجياع ،وهم من شاركوا في تجويعنا ونشر الفساد بطرق مباشرة أو غير مباشرة ،فلا نهتف لهؤلاء مرة أخرى: " حيا بهم حيا بهم " بل باحذيتنا نرميهم ونبصق على وجوههم  القذرة والحقيرة مهما كان انتمائهم".

 

أخيرا ثورة الجياع بتعز وكل المدن اليمنية إذا لم تتسلح بوضوح الاهداف وكيفية الأداء ،وباعلام واعي ومساند لها وبدعم جماهيري مالي طوعي،وبقيادات ناضجة ووطنية وانسانية،فمصيرها كمصير نكبة فبراير.... والدهر فقيه.