يّا وَطَني لَقَيتُكَ بَعدَ يَأسٍ
كَأَنّي قَد لَقيتُ بِكَ الشَبابا
وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يَومًا
إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا
أمير الشعراء أحمد شوقي
1- على مسرح الحياة، يختلف الناس، يختلف الأشقاء، يختلف الأصدقاء والأحباء.. يتنافر الناس وأحياناً يتقاتلوا، ليصلوا الى درجة القطيعة. ولعل من حكمة الخالق في الحياة، وتجدد جلدها ومظهرها، هو الاختلاف.. وربما كان الإتفاق والوئام المطلق وعدم الخلاف هو السكون الكامل أو الموت الحقيقي.. لكن مهما كانت الإختلافات في الرؤى والمواقف، فإن ما يجمع الشرفاء والمخلصين هو الوطن, عندئذ الناس يختلفوا – في كل زمان ومكان – في الاوطان التي يعيشوا فوق ثرائها وتحت اديم سمائها, ويستنشقوا من هوائها, ويعانوا ويتعذبوا في ربوعها، ولكن ما يجمع بينهم المصلحة المشتركة.
هكذا القيادات في كل العصور، يدافعوا عن تلك المصالح المشتركة بقوة الحق، بقوة الوحدة الوطنية، يستطيعوا أن يسترجعوا حقوقهم واوطانهم, إلا القيادات الجنوبية في الداخل والخارج – بلانا بـهم ربي – وجعلوا (اللي يسوى واللي ما يسواش) يتشفى فينا، وأخرهم المهرج والناشط في حزب الإصلاح (فهد القرني) الذي ظهرت له قرون، ويفتي، وقال ان الوحدة تعتبر الفريضة (الصلاة) السادسة ، ولاندري أين قِبلة هذا الفرض الجديد؟ هل هي ماخورة، او مؤخرة بقايا ابرهه الاشرم ( القليس)؟ أو إن صلاة هذا الفرض الجديد لا تجوز الا في مسجد الصالح؟ وخاصة وأن الثلاثمائة مليون دولار التي بناء بها هذا المسجد من عرق جبينه!! وكما يبدو أن لها ثواباً أكثر! ولا ندري أيضاً، هل يريدنا (شوتر) أن نسربل او نضم في ذلك الفرض؟.
2- الجنوب او القضية الجنوبية أكبر وأعظم من أي قائد او فصيل او مكون جنوبي، وبالتالي من غير الممكن لقائد أو فصيل، أن يستغني عن بقية المكونات الاخرى، أو أن يكون قادراً على تحمل المسؤولية بمفرده دون الاخرين، خصوصاً: ” أن وحدة الوطن لا يكفى فيها وحدة أرجائه، بل يجب أن تتوافر لها قبل كل شىء وحدة أبنائه!” كما يقول مكرم عبيد.
لذلك، نحن في الجنوب بحاجة – بدون مكابرة او شطط – الى مراجعة تاريخية صادقة وشاملة، لمفهوم تاريخ الجنوب، على قاعدة جديدة، ليفتح لنا الباب واسعاً أمام البحث الأمين في مجمل القضايا، التي تتعلق بالحاضر والمستقبل لشعبنا، على نحو يؤدي الى التشخيص الدقيق لأحداث ووقائع ذلك الماضي، الذي شغل العقل والفكر الجنوبي في مراحل زمنية مختلفة ومتعاقبة، تمحورت اساساً حول (كيان الوطن وهويته وشخصيته التاريخية والحضارية)، وليس الدعوة من وقت الى آخر الى عقد اللقاءات والمؤتمرات الطارئة، كردة فعل على ما يقوم به هذا الطرف او ذاك هنا وهناك.
-إذن- نحن الآن أمام مفترق طرق، ولابد بالضرورة بمكان أن تتغير الحسابات والمواقف على ضوء ما يجري على مستوى العالم، وعلى القيادات الجنوبية ان تدرك – قبل فوات الاوان – أن قواعد اللعبة قد تغيرت، ليس منذ 18 مارس 2013م ومشاركة مؤتمر شعب الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء – فالعبرة في النتائج – فحسب، بل تغيرت اللعبة وقواعدها الدولية والإقليمة والمحلية منذ أن تولى المشير عبدربه منصور هادي زمام الامور.
فقد أظهر قدرة فائقة وحنكة سياسية نادرة، في قيادته للدولة والمجتمع, حيث يعمل على تفكيك امبراطورية الرئيس المخلوع بخطوات رصينة. فقد تمكن من تغيير المعادلة على الارض لصالح التغيير، وفي زمن قياسي. لذلك، فانني لا أدعوا احداً أن يعطي الولاء والطاعة للرئيس، بقدر ما أقول أننا مازلنا نعيش في مربعاتنا الرمادية، ونراهن على فشل بعضنا بعضا، إنطلاقاً من فشل اخي.. نجاح لي.
وتاسيساً على ذلك، نكرر القول أن الحوار الجنوبي – الجنوبي، الذي يشمل الجميع سوأ في الداخل أو الخارج، هو السبيل الأمثل للتفاهم والتقارب وصولاً الى التوافق الوطني ودون ذلك سنظل نحرث في البحر.
ان المطالبين بفك الارتباط، أو الإستقلال، أو إستعادة الدولة، أو تقرير المصير، أو الكنفدرالية، أو الفدرالية لن يتحقق اياً من تلك المطالب الا بالتوافق الوطني تحت قيادة جنوبية موحدة، تملك الوقت والصبر والعزيمة والخيال، وتملك ايضا جرأة أن تضع يدها في أعشاش الدبابير وليس أن تضع يدها في…..!!!
3- لذلك، نحتاج الى الحكمة والحكماء وليس المناكفة، نحتاج الى العقل والتعقل وليس إدارة الظهر، بخاصة ان الأفكار الجامحة تسقط مثلما يسقط الجواد الجامح في السباق، فالأمل معقود على عقلاء الجنوب وطاقة الشباب، ليكونوا في المقدمة لقيادة نضالنا الوطني السلمي حتى نصل الى هدفنا المنشود، وإذا لم نعمل على تحقيق ذلك، فحري بنا أن نغلق حدودنا على غرار ما يدعوا اليه البعض ونسد سمائنا وننكفئ على انفسنا نتصارع كما كان حالنا في الماضي – بـجنون – حتى نبيد بعضنا بعضا، ونحول الجنوب الى خرابة اكثر مما هو عليه الآن.