ها أنا اليوم أخط عنك,ها أنا اليوم أسبل مدامع قلمي ,ها انا أخرج من صمت أيامي,وأتحرر من عبودية أناملي,ها انا اليوم أسكب مشاعري وتضامني على أسطر مذكراتي وأقول لانامت أعين الجبناء لا نامت أعين المتخاذلين,أعين المتواطئين,أعين من باعوا ضمائرهم وجمدوا مشاعرهم وأرخصوا وحنطوا أخلاقهم ودفنوا أنسانيتهم وتركوك وحيداً ولسنوات عجاف خلف القضبان دون سبب يذكر غير أنك أخلصت وصدقت وقاومت ولم ترضى بالذل ولم تخضع لمطالبهم ولم تلبي رغباتهم وركلت كل أغرائتهم التي حاولوا شرائك بها,تركوك خلف القضبان رغم جراحك وتبتسم رغم الآمك وتكابر رغم همومك وتزداد إيماناً بأنك تمضي على الطريق السوي رغم انهم كانوا ومازالوا هو الخصم والقاضي, والآمر والناهي..مضت سنوات وأخذت من عمرك الكثير,ومرت أيام حُرمت من الكثير وخلّفك السجن عليل ورسم الدهر على محياك حكاية المظلوم والمستبدون,وخطت الليالي على قسماتك معاناة الرجل الأسير,وسياسة الدولة التي تسيرها الأهواء وتتلاعب بها المصالح وتفصلها الغايات والمآرب..تركوك خلف القضبان كي يكسروا شوكة المناظلين ويطأطئوا هامات الأبطال ويثنوا السائربن في دروب النضال ويرهبون كل الثائرين والمطالبين بحقوقهم ويبثوا الخوف والرهبة بداخل كل من لم يشتروا ضمائرهم..
إلا ان آمالهم تبددت وضنونهم خابت وأحلامهم تبخرت,فكنت انت نبراس تضيء الظلمات وقنديل يشق الغياهب واملاً يلوح في ألافق ويرسم للسائرين طريقهم,وكنت أنت المثال الذي يحتذى به,والأنشودة التي نصدح بها,"وقصة النضال الجنوبي الذي مهما تكالبت عليه الهموم وأستبدت به الألام وأستفحلت فيه الأسقام وتركه الكل يصارع لحظات الأحتضار ويعاقر الأحزان ويقتات الأهات ويشرب الدموع فأنه صامد يتحدى المحال وصلب لا يفتته ضعاف النفوس أو المتخاذلين"..
انت أيها "المرقشي" لست أسيراً ولست سجين حتى وان كنت خلف القضبان حتى وأن تجاهلك الكل,انت بداخل كل جنوبي حر شريف نزيه,أنت اليوم تعلمنا معنى التضحية,معنى مواجهة الأخطار,معنى الصبر على المكاره وتحمل الشدائد,معنى الذل والهوان والأنكسار..أنت خط عنك التاريخ أروع القصص والحكايات والبطولات والمآثر,وكيف أن الحق دوماً تكون له الغلبة وان الباطل مآله الزوال مهما طال به العمر.. انت اليوم تزينا كيف يكون النبل والأخلاص والوفاء للآخر للحق وللقضية..ثق أيها الثائر أنك أذهلتهم وانك اخفتهم وانك ارعبتهم لانك لم تنكسر لم ترضخ لم تستسلم ولم تتخلى عن مبادئك واهدافك,وثق أنك أن الظالم سينال جزائه وأن المستبد سيكبل بذات الأغلال,وسيوضع خلف القضبان,وثق أننا معك وأنك بداخلنا وفي دمائنا..