ثلاثون الف ريال وربما اكثر من ذلك هي حجم الإستقطاعات التي طالت العديد من جنود (خليك) في البيت في معسكرات والوية محافظة أبين..
طالتها أيادي القادة والهوامير لتذهب إلى جيوبهم وجيوب معاونيهم ومن يروجون لهذا الثقافة الدخيلة وهذه الطريقة (اللصوصية) المقيتة..
لست مستاء البتة لانه تم خصمها وإستقطاعها على هؤلاء (الدخلاء) على السلك العسكري، والأطفال الذين لم يتخطوا أبواب منازلهم،ولكن ما ساءني هو أن تلك المبالغ الضخمة الهائلة ستذهب إلى جيوب النافذين والهوامير، وستزداد كروشهم تدلياً وإنتفاخ..
ولو أنها ذهبت للمشاريع الخيرية ولإعمار المحافظة أو مساعدة المحتاجين والفقراء والبسطاء في ظل هذه الأزمة الخانقة لوجدت من يباركها ويؤيدها ويشد على أيدي من يقومون بها، ولكن للأسف الشديد لم يفكر هؤلاء البتة إلا في كروشهم وجيويهم وأرصدتهم التي باتت تناطح السحاب..
بكل سهولة ويسر يسري هذا الإستقطاع ليس في محافظة أبين وحسب،بل في عموم المحافظات الجنوبية حتى أضحت هذه الظاهرة من أهم الظواهر للكسب الغير مشروع تحت مبررات وحجج واهية لايقبل بها عقل أو منطق..
والمصيبة أن كل الجهات المسؤولة عن هؤلاء تسمع وترى إلا أنها آثرت إلا أن تكون كــ(بوذا)، ويكأنها مباركة لهذه الخطوة التي قصمت ظهر هذا البلد المتهالك، وغدت ثقافة سائدة في مجتمع بات كالأسفنج يمتص كل شيء،وباتت الوطنية فيه مجرد شعارات جوفاء..
فتحت الألوية والمعسكرات أبوابها أمام الأطفال (الرُضع)،وسجلتهم بالجملة ومنهم من عاد إلي منزله ومنهم من آثر البقاء،أدرجتهم في كشوفاتها ليس حباً فيهم ولا رحمة بهم، ولكنها أيقنت أن هؤلاء الأطفال هم المصدر الحقيقي للإسترزاق في ظل صمت الحكومة (المنبطحة) والزعامة النائمة..
مبالغ خيالية وضخمة جداً بكل سهولة ويسر تذهب لجيوب النافذين وأصحاب الكروش المتدلية دون حسيب أو رقيب، دون أن يحرك المعنيون (ساكن)،ليزداد جشع هؤلاء ولسان حالهم يقول هل من مزيد..
والمضحك المبكي في ذات الوقت أن (جنود خليك في البيت) تثور حفيظتهم حينما يُستقطع من مرتباتهم ويجن جنونهم لهذا التعدي السافر على حقوقهم التي أتتهم على طبق من ذهب..
هنيئاً لنا هؤلاء الأطفال (الرُضع)،وهنيئاً لنا هؤلاء ( الهوامير) الذين يأكلون الأخضر واليابس، ضاربين بكل أبجديات الوطنية والإنتماء الجنوبي عرض الحائط.