حضرموت و باوزير...والمشروع الغائب الحاضر
في شجرة العائلة المنحدرة للأب عوض الرميدي باوزير كانت الجذر التعليمي لها هو الأستاذ سعيد عوض باوزير وتفرعت وتشربت منه بقية أخوته الثقافة والعلم وكل فنون المعرفة وكان لهم النبراس في طريق دروبهما العملية ولربما التأثير باديا في مكوناتهم الفكرية وعطاءهم على امتداد حياتهم العمرية العملية.
ماقادني إلى ذلك القول هو استعراض كتاب (الطليعة قالت ..) التي جمعت مقالات افتتاحيات الطليعة على مدى ثمان من السنين التي صدرت فيها الصحيفة (الطليعة ) وأغلقت بعدها في 1967م أثر قرار الطليعة بتأميم مطبعتها بعد أن كانت أحد روافد الثورة الإعلامية وعلى مدى هذه السنين ب(404) عددا منها كانت هذه الافتتاحية تحمل من هم الوطن وتحرره وتطوره ماتحمله من رؤية مدنية لحياة آمنة لوطن كانت الأماني تسكب في شرايينه حياة التجدد والتقدم بالنظر الى مايطمح إليه الشعب الحضرمي وقتها مقاربة ومقارنة بكثير من الدول بالمنطقة كمثال ..!!
علاقة المثقف بمشروعه الذي يحمله وفق رؤيته وتصوراته المنبثقة من فكره هي العلامة الفارقة عند المثقف وهي الفارق والفيصل بين من يحمل مشروعا ومن هو ( يولول ) لا يكاد يبين طريقه ويردد مايقوله الآخرون ولايصنع من حالته مشروعه ولايتبنى بما تحمله كلمة التبني من مشاريع مطروحة لم تستطع أن تنفذ لظروف أعاقتها في وقتها ..!!
حين نرى أولئك بضآلة ماأتيح لهم من تعليم وما وجدوه في بيئاتهم من محفزات معرفية محدودة وبين مانحن عليه اليوم مما أتيح لمثقفينا من ينابيع المعرفة ووسائلها السريعة التي يفترض من خلالها أن تكون مشاريعها على مشاربها المتعددة من أصناف المعرفية أكثر تطورا من هؤلاء الذين رسموا لنا الطريق مع ضحالة مصادرهم المعرفية لكنهم أخلصوا النيات وتفانوا في خدمة أوطانهم وحملوا معهم هم الوطن قبل هم ذواتهم ووأمتلكوا بصيرة مكنتهم من بناء مشروعه النهضوي وحددوا معالمه وإن ظل حبرا على ورق أجهضته طغيان (الثيران ) للثورات القادمة قياداتها من رحم المستعمر وأداروها وكانوا الفائزين ..!!
في فعالية إحتفائية لصدور هذا الكتاب كان المشروع الذي حمله الأستاذ أحمد عوض باوزير متدثرا بالجذر المعرفي أخيه الشقيق العالم الفقيه القاضي والمؤرخ والمفكر الأستاذ/ سعيد عوض باوزير صاحب هذا الفكر الحامل لهذا المشروع التنويري التحديثي الحضرمي الموحد الكبير يغيب ويحضر بمستويات وعي الحضور (وولولة ) بعض المتحدثين الذين لم يرتقوا إلى مستوى ماحمله هذا المشروع النهضوي التنويري التحديثي لحضرموت التي كانت في بدايات عهد جديد منفتحة على أفق واسع من الحريات والحكم المحلي واسع الصلاحيات التي حمله هؤلاء وعملوا على وضعه على عتبات الطريق الوعرة التي خاضوا بها ومن أجلها معاركهم على الورق وخطت بنور فكرهم الوقاد ملامح النهضة التي أشرفت على النور ..!!
مع حساب السنين وبقياس الزمن نجد أن هذا المشروع لازال مطروحا للنقاش مع وجود بعض التحديث على إطاره وبقاء جوهره الوطني كما هو سبيلا لإعادة قراءته قراءة واعية متعمقة وإعادة بعثه وتبنيه ثقافيا قبل أن يسوق سياسيا وهنا الفرق بيننا وبينهم في إدارة معاركهم النهضوية الوطنية التي جندوا لها طاقاتهم وجهدهم وفكرهم وهم مشروع حركة تنويرية ذات امتدادات طبيعية تجاوزت القطر الحضرمي حينها إلى ماهر أبعد منه في الشخوص والجغرافيا ومثل حالة الاستنارة المعرفية الإسلامية الحقة في نضج فكرها مفاهيميا وهو بدون إلمام وشمولية إحاطة وعيا وتأريخا وثقافة تأسيسية لايمكننا معها بالمطلق إحياء هذا المشروع الوطني الجبار وكفى (المولولون) شر الصياح ..!!