يذهب الجنوب بقضيته اليوم ما بعد أغسطس 2019م إلى رحابة الفضاء العالمي متدثرا بالصبر والتأني وبالحكمة القائلة (اقضوا حاجاتكم بالكتمان)، وهو السلاح الأمضى الذي حير قوى النفوذ والاحتلال اليمني وأصابها بمقتل.
لقد استطاعت هذه القوى أن تتجاوز القضية الجنوبية بدهاء سياسي حين خلقت في ذاتها بؤرة نزاع لاستقطاب المجتمعين الإقليمي والدولي، وتصبغ لنفسها شرعية دولية أممية تتجاوز بها قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحرب الجنوب 1994م، والتي مازالت ماثلة حتى اليوم، لكن المكر اليمني قابلته حنكة سياسية جنوبية تمثلت بتشكيل الحامل السياسي المجلس الانتقالي مايو 2017م، والذي جاء بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وبه استطاعت القضية الجنوبية أن تتجاوز دائرة الشرعية بتحريرها أرض الجنوب وترتبط مع التحالف وتكون رقما صعبا في المعادلة الإقليمية عسكريا وبعمل دؤوب ومدروس بدأت رويدا انتزاع الشرعية من الشرعية الكاذبة دوليا، وها هي اليوم تسقطها إقليميا من خلال ورقة الإرهاب التي لعبت على استغلالها بحرفنة سياسية جد خطيرة وأصابت الخصم بمقتل ودون ضجيج.
إن المعركة العسكرية والسياسية التي يخوضها الجنوبيون بقيادة مجلسهم الانتقالي تسير بخطى ثابتة وبصمت رشيد تحت غطاء إقليمي ودولي وفروها لأنفسهم كمجهود تراكمي سياسيا مما جعلهم في أريحية تامة للتعامل مع الأحداث على الواقع رغم قوة الخصم وشحة إمكانياتهم بالمقابل الركون إلى عقيدة عدالة قضيتهم وإيمانهم المطلق بها.
إن الضجة الإعلامية الصاخبة بكل ما أوتيت وأعدّ لها بإحكام وفرص مالية باهظة وبالمقابل ترشيد وعقلنة الخطاب عند المجلس الانتقالي أهلّه لتقبله عند الآخرين، وهذا ما يفعله اليوم لرفع المعنويات وتحقيق الانتصارات لكسب القضية، وما حوار جدة ومعركة شبوة منا ببعيد.