الجنوب من أسقط عفاش فلا تراهنوا على أيتامه

2025-08-03 19:30

 

في الأوقات العصيبة واللحظات السياسية المضطربة، تخرج المحاولات التي تُدفع فيها الشعوب إلى النسيان القسري، فيخرج علينا بعض الحالمين أو المتواطئين بمحاولات مكشوفة لتلميع تاريخٍ أسود لأسرة آل عفاش، وتقديم وجوهٍ خرجت من ذات الحظيرة التي صنعت النكبات على أنها البديل القادم أو الخلاص المنشود.

 

غشيمٌ من يظن أن الجنوب وقضيته قد تطوى صفحتُهما، وغشيمٌ أكثر من يعتقد أن خريجي وأيتام حظيرة علي عبدالله صالح الذي فشل بكل جبروته وصلفه وأمواله في القضاء على القضية الجنوبية، هم اليوم قادرون على تحقيق ما عجز هو نفسه عن تحقيقه.

 

الحقيقة التي يتناساها البعض، أن الجنوب كان أول من خرج في وجه نظام علي عبدالله صالح، سلميًا ومدنيًا، وبإصرار لا يلين منذ عام 2007، حين كانت صنعاء لا تزال تُبايع الرجل وتصفق له في مهرجانات الغداء والقات.

 

الجنوب أسقط صالح معنويًا وسياسيًا من وجدان شعبه قبل أن يسقطه خصومه في صنعاء، وأعلن القطيعة مع مشروعه منذ أن كان في أوج قوته وهَزم مشروع حليفه الغادر الحوثي.

 

واليوم، ونحن نرى تسويقًا متعمدًا ومكشوفًا لإعادة إنتاج عائلة عفاش سياسيًا، كأنهم رجال مرحلة أو بناة دولة، نتساءل: من الذي يملك هذا القدر من الوقاحة السياسية ليقدّم من أفسد وأجرم وتآمر على الجنوب كمنقذ؟

 

وهل صار الفساد والخيانة والغدر مشروعًا قابلًا لإعادة التدوير، فقط لأن الفاعل يلبس ربطة عنق ويتحدث بخطاب مصقول إعلاميًا؟

 

لقد أثبتت التجربة أن الجنوب ليس قضية عابرة، ولا حركة موسمية، بل هو مشروع وطني حيّ، ترويه تضحيات أبناءه، وتُغذيه ذاكرة نضال لا تموت وإن واجه العالم.

 

قد يتمكنون ويبطئون المسار، وقد يُحدثون جراحًا جديدة، ويصنعون المزيد من التعقيدات، لكنهم عاجزون عن تغيير مسار التاريخ. فالجنوب لم يعد كما كان، وزمن الوصاية قد ولى.

 

إن من يسعى لتبييض صفحة علي عبدالله صالح، إنما يحاول أن يُطفئ نور ذاكرة الجنوب، لكنه يجهل أن الذاكرة الحية لا تُشترى، ولا تُخدع، ولا تُنسى.