قادةٌ خذلوا الجنوبَ (2):

2025-08-03 19:08

 

والخذلانُ الثاني كان بعد 94م حين تمكنَ صالحٌ من بسطِ نفوذِه جنوبا. يومها كان لا يُعصى له أمرٌ ولا يُرَدُ له قرارٌ، قادرا أن يؤسسَ دولةَ نظامٍ وعدلٍ وقانون، وأن يبنيَ مجتمعَ تراحمٍ وإخاء، وأن يُعَمِرَ جنوبا يسوده السلامُ والبناءُ. لكنه بدلا من ذلك جعل الجنوبَ غنيمةَ حربٍ، قَسَّمَ جغرافيتَهُ مربعاتٍ بين هذا الشيخِ وذاك المُتَشيخ، ووزعَ منابعَ اقتصادِه أنفالا بين هذه العائلة وتلك الأسرةِ، ومنحَ مراكزَ الدولةِ للقريبِ منه وللموالي له، ونسيَ ما كان يدعو إليه من طَيِّبِ الأقوالِ وما يدعيه من خَيرِ الأفعالِ. وبلغَ "ما أُريكم إلا ما أرى"، ولنا الحُكمُ سرمديا وأنتم أتباعُنا أبديا. فأضاع على نفسِهِ شرفَ نسجِ اسمه بأحرفٍ من ذهبٍ وضياءٍ في سِفْرِ العظماءِ.

#أبو_الحسنين_محسن_معيض