هناك فرق بين مَنْ يريد تحسين شروط العبودية وبين مَنْ يريدون التحرر منها.
وعليه فيجب أن يعلم كل جنوبي أننا ذاهبون إلى عاصمتنا عدن لكي نقول إننا هنا وكي ندافع عن وجودنا بطرق سلمية حضارية، ولإثبات أحقيتنا بالتعبير السلمي عن خيارنا في الحرية والاستقلال، ولا ننوي حتى منع أي جنوبي من التعبير عن رأيه ولو كان مخالفاً لنا.
صدقوني عندما أقول لكم إنه سيأتي يومٌ على المتخاذلين عن الذهاب معنا لن يجدوا حاجة ليعضوا أصابع الندم عليها مثل ندمهم على خذلانهم لنا في هذا اليوم، ولن يكون في مقدورهم حتى الشكوى لأي صديق، ولن يجدوا من يستمع لأعذارهم مهما كانت مقبولة أو صحيحة؛ لأنهم باختصار خذلونا وخذلوا إخوانهم في لحظة تاريخية لن تتكرر.
إن الإنسان يستطيع أن يرهن شيئاً مادياً على أن يرهن مستقبل أبنائه وأحفاده ما بقيت له الحياة ولهم، ويستطيع أيضاً أن يستدين مبلغاً من المال ليذهب به؛ لكنه -شاء أو أبى- لا يستطيع أن يستدين حريته وكرامته من عدوه وهو ليس كأي عدو عرفته البشرية على مر العصور؛ ولن نصدقكم وأن حلفتم بالله ولو قلتم لنا لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون.
أيها المتخاذلون تستطيعون الضحك والابتسام وحتى المزاح، ولكنكم أبداً لن تكونوا راضين عن أنفسكم ولو حاولتم؛ لأنكم لم تكونوا صادقين معنا فهذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، ولن تجدوا ما تفاخرون بعمله في مستقبل أيامكم، وحتى أطفالكم لن يجدوا في كلامكم وحكاياتكم عن بطولاتكم إلا زيفاً وسراباً.
أيها المتخاذلون غداً سيحكي أحرار العالم تاريخ بطولاتنا وأمجادنا كجنوبيين سعوا للحرية والكرامة ونالوها بشرف نضالهم وسلميته، أما أنتم فلن يكون لكم من هذا نصيبٌ، ولا حتى شرف روايته، أو قراءته في سفر التاريخ المهيب للجنوب، وستجلسون بعيداً في أحد زوايا الحزن، تقلبون دراهمَ وريالاتِ فضلتموها عن نصرة إخوانكم يوم أن قلنا لكم تعالوا معنا ننصرهم نصراً مؤزرا على عدوهم وعدونا وأبيتم إلا الخذلان المبين.
إن الأحرار فقط هم من يحق لهم الحديث عن هذه الثورة التحررية، وهم وحدهم كذلك من يستطيعون تحويل الخذلان والانهزام إلى نصرٍ كما فعلوها سابقاً في مليونيات سابقة، وكل جنوبي هو وحده مَنْ يقرر أين يضع نفسه، والصف الذي يجب أن يقف ويدافع عنه ويحاول حمايته من لصوص الثورات في الحاضر والمستقبل بعيداً عن الإحساس بالعجز الذي سيطر على قلة لا يفقهون من أبجديات الثورة والحرية والكرامة والعيش الكريم شيئاً.