إن الحالة الصحية المتدهورة لأي مريض تستدعي إيجاد طبيب ماهر وخبير قد يحول دون تدهورها أو دخولها مرحلة الميؤوس منها، وهذا هو حال اليمن الشقيق ووحدته المشؤومة؛ فإن الوحدة اليمنية المزعومة دخلت مرحلة الموت السريري فاستدعى ذلك الإبراق لمجلس الأمن الدولي لكي يلتئم في صنعاء بغرض إيجاد حلول ناجعة وسريعة وربما سحرية لهذه الحالة المستعصية؛ فمن ناحية تمرد علي محسن على قرارات رئيسه هادي والتي لم تفضح تزلف الإصلاحيين ونفاقهم فقط بل كذلك كشفت زيف إدعاءاتهم أن الهيكلة على الكل ولم يخرجوا في أي مسيرة كما كانوا يفعلون من قبل ووقفوا من رفض علي محسن لقرارات رئيسه هادي موقف الصامت إزائها، وهذه الحالة أضحت حالة معقدة أخرى تستدعي تدخلاً دولياً -بحسب الظاهر لحلها- قبل أن يطلق هذا الأحمر عصاباته الخاصة وهو التهديد الذي يخشاه المجتمع الدولي؛ فكل أحمر لديه عصاباته الخاصة يهدد بإطلاقها إذا لم يستمع إليه أحد.
وتتابعت الأحداث فمن تصريح السفير الأمريكي المعادي صراحة للحراك السلمي الجنوبي ومليونيته في التصالح والتسامح، إلى خبر انعقاد مجلس الأمن في صنعاء، إلى كونها فقط لجنة أممية تحاول الجلوس لحل مشاكل الحوار والهيكلة والوحدة، إلى التهديد بمسيرة وحشد مليوني لتعزيز الوحدة.
كل هذا يقودنا إلى الاعتقاد أن كل هذه الدرامية المفرطة في البؤس لا يمكنها أن تكون فقط من أجل الضغط على الجنوبيين لقبول الدخول في الحوار المزعوم، ولا للهيكلة، ولا كون أعضاء مجلس الأمن لا يصدقون الجمَّال بن عمر، كونهم لا يطمئنون إلى صدق تقاريره، ولكنهم ومن أشار عليهم بهذا الاجتماع يراهنون فقط على عامل الوقت بين التصريح بالانعقاد والانعقاد ذاته؛ ففي خلال هذه الفترة فقط هم يريدون الضغط على الجنوبيين خارجيا للحصول على تنازلات بالقبول بالدخول في الحوار، وداخلياً من خلال التهديد بعصا مجلس الأمن الغليظة وكأن مجلس الأمن سوف يعيد للوحدة روحها وحيويتها من خلال إجراء تنفس صناعي عقيم وبليد في ترتيباته وأبواقه المرجفة، وهم أخيراً- أعضاء مجلس الأمن- يحاولون تجريب هذا الطريق وذلك بناء على ما تلقوه من إشارات حمراء وإلا فلا يمكنهم فرض الوحدة ولا العقوبات على أي جنوبي؛ لأن لا أخلاقياً ولا في مواثيق الأمم المتحدة يوجد مثل هذا الأمر مهما بلغت درجة الحليف وعمالته وخدماته الجليلة التي قدمها وسيقدمها، أو مهما كان الخصم وحيداً ولا يملك من الأمر إلا عدالة ما يدافع عنه.
آخر سطرين: لا خوف على الجنوب وشعبه وقضيته؛ لأن الله معنا، وشعبنا أشد تصميماً على بلوغ هدفه المنشود، وإيماننا بعدالة قضيتنا وثقتنا بالله ومن ثم بشعبنا أكبر من أي مجلس أو جليس .
مهدي الخليفي