حسن الخطابة وشؤم الأعمال

2015-02-28 14:14

 

أربع سنوات من المماحكة السياسية والتراشق بالاتهامات وتخوين وتجريم الآخر والوطن ينتهك وينهار حتى أوصلتموه إلى شفا الهاوية.. لقد وضعتكم المبادرة الخليجية شركاء في المسئولية وتنفيذ برنامجها، وكنتم على طول الخط خصوما ومتنافرين ورافضين الشراكة.

 

الرئيس كان مجرد موفق لتنفيذ ما تتفقون عليه، مهمته عدم الانزلاق وجر البلد للحرب والعنف، وكان يحاول وأنتم تحاولون عكسه جر البلد للفوضى والعنف، ونجحتم، ماذا سلمتموه غير علم وفوضى عارمة، واحتفظتم بالقوة والجاه ومصادر مهمة في عمق الدولة، كان يرتفع صراخكم كلما اتخذ قرار معادلة الكفة ووطنية المؤسسات.

 

اليوم برهن دون شك أن المؤسسة العسكرية تحت تصرفكم وتقاسمتموها وفضلتم تسليمها لقائدكم الروحي للتجرد من وطنيتها وشعبيتها نهائيا، وماذا تفسرون اعتذاره في الخطاب للمؤتمر الشعبي عن اجتياح معسكر الصباحة، وكان الأولى به أن يعتذر للشعب والوطن، لكن ذلك جزء من تقاسم القوات المسلحة، وكل هذا نتاج تصلب للرؤى والمواقف جعل البعض لا يفكر ولا يهتم بالوطن، بل يسعى لكسب مآربه الأنانية.

 

اليوم سيدكم عبدالملك يهدي كلاما ليس غريبا عنا ولم يخترعه بل استقاه من همومنا ومعاناتنا التي تجرعناها لسنوات عجاف كنتم صانعيها، هو اليوم يستغلها جيدا وتحول إلى جزء رئيسي من هذه المعاناة، تسلم منكم الراية ويؤدي الدور للحفاظ على تاريخكم وإرثكم والبقية مغفلون، وماذا قدم من حلول غير تهديد ووعيد ضد الآخر واتهامات تزيد من الخصومة لا تنهيها.

 

إنه واضح، يحرض ضد الخصوم ومصر بعناد شديد أن يبقى خصما عنيدا لا شريكا، والشراكة يلوح بها كخطاب ثوري رنان، شراكة بمعياره وميزانه، شراكة الخنوع والاستسلام، إلى متى وهو يرفع في وجهنا ووجه خصومه البندقية، ويهدد بالسلاح والخيارات المتاحة، وهي الاجتياح والحروب؟.. هل سيجتاحنا؟ فليجتح حتى ينهك وينهك معه الوطن.

 

هذا الولد لا يعرف غير لغة العنف، ويتوهم أن الآخرين ضعفاء وهزلاء لا يستطيعون مواجهته، هم يتجنبون الولوج في دائرته العنيفة لأنها لا تقدم حلولا ناجعة، وهو لا يفهم بل يعيش وهمه وصورته الذهنية..

 

من المؤسف أن محلليه في القنوات من مثقفين وسياسيين غرورهم بنشوة القوة واضح من مخارج كلماتهم، إنها لغة مرفوضة ونصرها لا يطول وكلفتها تثقل كاهل الوطن والمواطن، وتداعياتها تستمر قرونا من الأحقاد والضغائن، وهم متصلبون لا يعون ولا يفهمون ومستمرون في غيهم وهم لا يفقهون ولا يدركون ما يدور في أروقة السيد.

 

ملاحظ من إجاباتهم عن بعض أسئلة القنوات.. ما يشعرني بالراحة أن خطابه لا صدى له ولا مجيب للغته العنيفة من الطرف الآخر، يتركونه يهذي ويفضفض عن مكنوناته لينفضح ويعرف الجميع حقيقته، لا تردوا عليه حتى لا تزداد حدة المماحكة، ونتحول إلى أفواه فتن وسموم وخصومة لا خير لنا بالوطن والمواطن وأمنه واستقراره.

 

اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.. واجعل بلدنا آمنا سالما وجميع بلاد المسلمين، اللهم اسلك بنا سبيل الأبرار، ووفقنا لما فيه صلاح ديننا ودنيانا ووطننا ومواطنينا وأحسن عاقبتنا وأكرم مثوانا برحمتك يا أرحم الراحمين، واهدي قوانا السياسية ومكوناتنا الاجتماعية إلى ما فيه خير الوطن ومصالحه العليا، وترك الاصطفاف الجهوي المقيت الذي يلعبون عليه ويظهرون لنا أنهم ضده وهم يتكتلون على أساسه.. اللهم جنبنا الدس والتآمر والكلام المعسول المليء بالسموم والنوايا الخبيثة يا رب العالمين، فقد مللنا حسن الخطابة وشؤم الأعمال.

 

* الأيام