الحرية لصوت عدن

2015-02-04 03:52

 

إنها عدن مدينة التعايش والإخاء يملؤها الحب والتسامح والتقارب، لم يكن في عدن حواجز التخلف وأسوار التعصب. كان حينا في المعلا كأحياء عدن الجميلة جيران لكننا إخوة، أبوابنا غير موصدة وشرفاتنا نطل منها لتحية بعض، تجد النساء يتسامرن وهن أكثر حشمة ووقارا، ينادين أطفالهن يمازحن بعض بكلماتهن اللطيفة العذبة، لا يمكن أن تمر وسط الحي دون أن تستقبل التحايا من الكل، النساء قبل الرجال.

 

عدن لا تشعرك بالوحدة، بل الكل أسرتك، إن أغلقت بابك طويلا يطرقه جيرانك، يسألون عنك وعن حالك، هل أنت مريض متضايق شبعان جيعان، إنها عدن وما أجملها عندما بثت القناة التلفزيونية في 11 سبتمبر 1964م حيث اعتبرت واحدة من أوائل القنوات التلفزيونية في المنطقة وبدأت أجهزة التلفزيون تباع لبعض الميسورين ونتجمع أطفالا في بيت أحدهم لنتابع برامج قناة عدن من الساعة الرابعة (موعد بث القناة).

 

ما أجمل تلك الألفة والمحبة لا تسمع غير كلمة مرحبا وأهلا وسهلا والشاهي العدني والكعك الذي يقدمونه لك، اليوم صعب جدا أن يتكرر مثل ذلك الجو المضياف، إنها قناة محفورة في الوجدان بذكريات جميلة، اليوم عدن حبيسة ليست حرة، مقيدة، خلقوا فيها قيودا اجتماعية فرقت اللحمة أبعدت الناس بعضهم عن بعض، اليوم تسمع في عدن أنهم حطموا باب شقته فوجدوه ميتا منذ أسبوع، اليوم تسير في عدن ومن العيب أن تحيي النساء أو هن يحيينك، فقد حرموه، والشباب فيها مسطولون بالقات، ونحن نعيش أمل التحرر الذاتي ثم العام، صفاء الروح وتقيؤ كل ما بداخلنا من خبائث تجرعناها في زمن السطو على تاريخنا وقيمنا وحبنا لبعض.

 

كم تضاعف ألمي وتحسرت على ذلك الزمن عندما وجدت عدن غير قادرة أن تبث برامج قناتها التلفزيونية أن تعبر عن ذاتها أن تقول إنني لازالت عدن ولا زالت هنا عدن عندما منعوا عن عدن إرسال بثها التلفزيوني، لأن عدن كانت تعيش تحت الإقامة الجبرية هم لا يسمحون لك أن تتحدث أو أن تعبر عن ذاتك بحرية بل وفق أهوائهم، هم يحددون لك ماذا تقول ويمنعون عنك ما تريد أن تقول، واليوم عدن وقناتها انتهكتا كما انتهك كوادرها ورجالاتها في صنعاء.

 

والمفارقة أنهم يغضبون عندما تقول احتلال، وما يقومون به بأية صفة تصفه؟ أليس تقييدا للحريات الإعلامية وتجريد عدن من إرثها الثقافي والإبداعي والفني وجعلها مجرد تابع يغلقون فمها بأزرار؟!. إنه احتلال ووصاية، إنها عدن أيها الأوباش علمتكم وثقفتكم وتغذيتم منها الثقافة والفكر والفن من مسرح وغناء ورسم وكل سبل التطور والنهوض.

 

اعملوا ما شئتم أخرجوا ما فيكم من خبث عبروا عن مكنونات ذاتكم العنيفة والخبيثة، لكن ستظل عدن هي عدن وسيرتفع صوتها عاليا مناديا أصقاع الأرض ومن عرفها وعشقها بصوتها المعروف “هنا عدن” من إذاعتها وقناتها التلفزيونية، إنها محاولتكم الفاشلة والأخيرة، ستتحرر عدن وستعود كما كانت رمزا للحب والصفاء والإخاء تجمع الكل ويلتقي فيها العاشقون للحياة المتشوقون للحرية والعدل، إنها عدن الأبية التي طردت المستعمر الغاشم ومنها انطلق ثوار سبتمبر ومنها ستحرر اليمن من هيمنتكم وبطشكم وطغيانكم بإذن الله.

 

ربنا يحفظ عدن وأهلها الطيبين المسالمين من كل مكروه!.

 * الأيام