إنه المنافق الأكبر عبد الله بن أبيّ بن سلول، أحد زعماء الخزرج، ومن المعلوم أن الإسلام قد انتصر أساسًا بسيوف هؤلاء الخزرج ومعهم قلة من السابقين الأولين على رأسهم علي بن أبي طالب، وفي غزوة أحد كان رأيه موافقا لرأي الرسول بضرورة البقاء في المدينة واستدراج جيش قريش إلى داخلها والقضاء عليه، وكان هذا هو الرأي السليم.
هذا الرجل كان بحق كبير المنافقين، ولكنه تحمل لوحده كل ما ذكره القرءان عن المنافقين الآخرين، كما تمَّ إلصاق جلّ كبائر الإثم التي اقترفها (الصحابة) به، ولأِن سألتهم وأين المنافقون الآخرون الذين يتحدث عنهم القرءان وكأنهم حشد كبير؟ فلن تتحصل منهم على طائل، أما غيره من أكابر منافقي قريش الذي عاشوا حربا على الرسول ودينه فقد أصبحوا آلهة يُعبدون!!
فهم يتحدثون وكأن النفاق انقرض من بعد ابن أبي سلول، هذا رغم أن آيات بالغة الكثرة قد نزلت بعده تندد بالنفاق والمنافقين، وسورة التوبة -وهي من أواخر السور نزولا- حافة بأنبائهم.
ومن بعد انتقال الرسول لم يرد أي ذكر في التاريخ لحزب المنافقين وأخبارهم، وكأنهم تبخروا فجأة، هذا مع أنه من البديهي أن تكون أعدادهم قد تضاعفت بمن انضم إليهم من الأمم الأخرى، ومن الواضح أن أخبارهم قد أخفيت عمدًا مع سبق الإصرار.