الخلافة ليست رخصة للإنسان ليدعي بها الألوهية أو الربوبية أو ليجعل نفسه فوق كل قانون أو مساءلة أو ليعلو في الأرض ويظهر فيها الفساد، وليست رخصة لغيره من عبيد البشر والمشركين لكي يزعموا له ذلك، ولكنها أمانة ومسؤولية، لذلك لما أعلن الله سبحانه لداود أنه جعله خليفة في الأرض لم يعطه السلطات التي أعطاها أبو جعفر المنصور لنفسه أو أعطاها المشركون للمتسلطين عليهم، فالله سبحانه لم يترك داود بدون توجيه رغم أنه كان نبيا ولم يقل له تصرف فيهم كيفما تشاء، وإنما أمره أن يحكم بينهم بالحق وحذره من اتباع الهوى أو الضلال عن سبيله،
ولقد قال الله سبحانه لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إنه أنزل عليه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس بما يريه هو وليس بما يتراءى له، وقال له إنه ليس عليهم بمسيطر أو وكيل أو حفيظ أو بجبار وأمره أن يشاورهم في الأمر.