كنت وما زلت عند رأيي الشخصي كباحث ومحلل سياسي وعسكري، أن حرب 2015م ضد الجنوب هي امتداد واستمرار لحرب 1994م.
الإختلاف الجوهري تمثل في اختلاف موازين القوى بين الطرفين خلال حرب 1994م والمواقف الدولية التي رجحت كفة صنعاء بقيادة الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح ومكنتها من حسم الصراع لصالحها.
في حين أن الحوثيين الذين قادوا حرب 2015م بدعم كامل من قبل الرئيس الاسبق نفسه وبتخاذل حزب الإصلاح ، هزموا شر هزيمة على أيدي المقاومة الجنوبية بدعم من التحالف العربي، وفشلت بعد ذلك كل محاولات الحوثيين المتكررة لإعادة احتلال الجنوب. الحوثيون إنقلبوا في صنعاء ليس فقط على الرئيس "الشرعي" حينها هادي، بل وانقلبوا أيضا بعد ذلك على حليفهم علي عبدالله صالح وقتلوه ببشاعة في ديسمبر 2017.
هذا التحول في مسار الحرب أدى إلى تغيير جذري في موقف أنصار وقوات كانت تتبع للرئيس صالح...
لذلك تم وبدعم من قوات التحالف العربي والقوات الجنوبية تشكيل "حراس الجمهورية" بقيادة المكتب السياسي للمقاومة الوطنية الذي يقوده العميد طارق صالح.
وشكلت معارك الساحل الغربي وتحديدا باتجاه الحديدة جبهة مشتركة بين القوات الجنوبية وحراس الجمهورية والمقاومة التهامية،وكادت هذه القوات قاب قوسين أو أدنى من الحاق هزيمة ساحقة بالحوثيين في الحديدة، لولا ضغوط قوى عظمى بوقف تقدم القوات الجنوبية، وما تلى ذلك من توقيع اتفاق استوكولهم ونتائجه التي جاءت لصالح الحوثيين.
إذا، أصبح الحوثيون عدوا مشتركا ليس فقط للجنوب ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بل وكذلك للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية..وكان هذا القاسم المشترك وما زال من أهم نقاط الاتفاق والالتقاء بين الطرفين.
كما أن عضوية كل من رئيس الانتقالي إضافة الى المحرمي والبحسني ورئيس المكتب السياسي طارق صالح في مجلس القيادة الرئاسي قد وفرت فرصة أخرى للعمل المشترك ضد الحوثيين.
النقطة الأخرى أن كل من الانتقالي والمكتب السياسي يحتفظان بعلاقات حميمة مع التحالف العربي.
يتبنى الطرفان موقفا حازما ضد الحوثيين وضد القوى الداعمة لهم في الداخل والخارج.
أما نقاط الاختلاف، وأخذا بعين الاعتبار أن هذا التعاون هو بالمفهوم السياسي تعاون مرحلي قد يتطور بشكل ايجابي، لكن ما يمكن أن يؤدي إلى التباعد وربما فض التعاون هو محاولة الخروج أو الالتفاف عن ميدان العمل المشترك المتمثل بمقاومة الحوثيين والوقوف ضدهم وضد من يدعمهم.
تجربة حزب الإصلاح في حرف مسار الحرب ضد الجنوب بدلا من مقاومة الحوثيين وتحرير الشمال منهم، ما زالت ماثلة وهي أبلغ درس وعبرة للمكتب السياسي.