لا ادري كيف اقدم اعتذاري الثقيل لمعالي الاستاذ الدكتور ناصر العيشي العلم اللغوي الكبير ، و الاكاديمي الغني عن التعريف ، والرجل الجاد في حياته وعلمه ، و الامين المخلص لوراثة خصائص تكوينه القروي ، والعلمي ومابينهما من تطابق في الخصال . فاوجه الشبه كبيرة بين رجال الشعبة من بلاد العوالق بشبوة ورجال العراق العظيم ذوي الهمة والقوة و العقل الرشيد ، والثقة العالية بالنفس ، والاعتزاز بالشخصية والجسارة والشجاعة في المواقف ، والحكمة في تقدير الامور .
و لم يمهلني اطال الله بعمره برهة من الوقت للتفكير في طلبه الغالي و المفاجئ ، ولم يتفهم طريقة استيعابي للامور باثر رجعي كسمة ذميمة في شخصيتي ، يعلم الله مقتي لها ، على قلة حيلتي في التخلص منها البتة .
ومعاليه يعلم باني من جيل تربى على سمات فاضلة في الحياة ، ويجل كل من رباه ، علمه الحروف الابجدية ، ويقف باجلال لهم . مقبلٌ هامتهم السامقة اينما سحنت اللقيا بهم ، ولا اخاله بجاهلٍ مقامه العالي و الرفيع في نفسي واستحالة اهتزاز مكانته فيها . وهو ذو فضل وحق علي ، وما كان رفضي لطلبه الغالي والعزيز بتقديم محاضرة عن تاريخ القضية الفلسطينية في اطار المواثيق الدولية ، وذلك في اطار استعداد فرع ادباء الجنوب الذي يرأسه ايذانا بتدشين نشاطه الثقافي والادبي للعام الجديد ، وهو يعلم بعشقي لهذه القضية و التزامي الاخلاقي والقومي والعروبي والادبي لها ، الا من باب العتاب الشديد على تشطير مالا يشطر من الفكر و الثقافة و التاريخ النضالي للاتحاد الطليعي والرائد الوطني في تحقيق وحدة اليمن ، ولو تشظت اليمن بتعداد سكانها ، تقع على الاتحاد مسؤولية واجبٌة و راسخة ، و فضيلة ثابتة عادله تكمن في الحفاظ على لحمة كيانه الوطني الموحد . ذلكم ما حال دون تلبية طلب استاذي القدير و الاكاديمي الكبير معالي الدكتور ناصر العيشي على ما اصابني من غصة دون سماعه لاعتذاري الثقيل ، لعلمي المسبق بمعاناة معاليه و نضالاته المتواصلة على كل صعيد ، وهو يعمل وحيدا من اجل شبوة بعد رحيل رفيق حقله العلمي والاكاديمي الخالد الذكر والاثر المغفور له باذن الله تعالى الدكتور مسعد مسرور اللذين عادة ما اشبهما في قرارة نفسي بنهري النيل والفرات الجاريان بغزارة العلم والمعرفة في صحاري الجهل بشبوة ، وفقا و تكوينهم العلمي . و افل نهر النيل فيها بموت مسعد ، ولم تزل تنهل العذب الفرات بغزارة وعمق بحر العلوم الدكتور ناصر العيشي حفظ الله و اطال عمره .
ويظل الثنائي الاكاديمي الرهيب مسرور و العيشي حالة الاستثناء الوحيدة في عالم النخبة الجامعية بشبوة على كثرتهم وجدارة استحقاقاتهم العلمية في كل مجال وتخصص .
فهل تقبل اعتذاري الثقيل معالي الاب والاستاذ والدكتور ناصر العيشي .