ولم تزل شبوة بخير ، مادام هناك رجال فيها يسطرون للانسانية ماثر ، ومواقف خالدة في تاريخها ، رغم المتغيرات المهولة ، و الطارئة عليها ، و التي جعلتها من الذكريات الجميلة المروية في الحياة غير المأسوف على ذهاب ايامها المتشابهة في مرارتها و رتابتها ونزع بركاتها من وجهة نظر غالبية الناس من اهل شبوة ، و بقية محافظات الجمهورية ، لاختلال منظومة القيم العليا فيها وفي غيرها من بلدان العرب ، نتيجة للتراجع الواضح عن التمسك بها او بقولٍ اصح في التفريط فيها ، دونما وعي بخطورة ذلك على سلوك الفرد والمجتمع على حدٍ سواء مما اوقع الجميع في جحيم هجرة الحكمة الالهية من سنها ، و اندفاعهم بجنون الى قعر الهاوية وهم لا يشعرون بفداحة تجاهلها ، و جهل العمل بها .
ولم تزل شبوة بخير ، و فيها رجالا عظيمة وقلوب رحيمة في خورة التي صدرت بالامس اجمل واروع المواقف الانسانية الخالدة في حياة وتاريخ اصحابها ، و المحافظة و اليمن ، عاجزين عن التعبير عنها من كل النواحي الدينية و الاخلاقية و الانسانية و الاخوية . رغم تحفظاتي على دعوات العفو عن مرتكبي قضايا القتل الا في حدودها الدنيا و المعقولة ، لكي لا تزداد جرائم ارتكابها بلة ، وتتوسع ظاهرة الاستهتار بالارواح المحرم قتلها شرعا وقانونا ، دون تقدير عواقب انتقالها الى نار محرقة ، وكوارث مزلزلة بالبيئة القبلية و الاجتماعية المبلية و الملتهبة بجحيمها ، عقب تحولها الى ظاهرة من الاجرام المنظم باسم اعراف القبائل و اسلافهم لدرجة يندى لها الجبين كاشفة مستوى الانهيار القيمي العام للامة وعودتها الى منابع الجاهلية الاولى و مورثها البغيض .
ذاق القاتل بالامس في خورة شبوة غصة الموت في حلقه بعد مطالبة ولي الدم له بالنطق بالشهادتين وهو في حالة يرثى لها ، و جاثي فوق قبر اخيه القتيل ، و ذاق حلاوة عودة الروح له من جديد باعلان العفو عنه لوجه الله ، في مشهد تراجيدي مثير ، يختصر حقيقة سمو النفس وصعوبة قياس ارتفاع اخلاقها للعافين عن الناس ، و انحدارها الى اسفل السافلين للمعتدين بالقتل عليهم .
وممكن العثور على موجبات فضله في حديث الرسول صل الله عليه وسلم ، ( و مازاد الله عبدا بعفوٍ الا عزا ) .