تهرّبُ قيادةِ الشرعية اليمنية من العودة إلى العاصمة عدن واختلاقُ المبررات والبحثُ المستمر عن عراقيلَ وحججٍ، سياسةٌ تخفي وراءها كثيراً من الشبهات وعلامات الاستفهام التي يجب على الانتقالي الجنوبي تتبعُها وتفكيك رموزها والتعامل معها بمسؤولية.
التفسيراتُ التي يطلقها بعضُ قيادات الانتقالي، الذين يذهبون إلى أن الشرعية تتهرب من مسؤولياتها تجاه الخدمات والتنصّل عن التزاماتها في دفع المرتبات وإعادة تطبيع الأوضاع في عدن، تفسيراتٌ سطحية لا تلامسُ حقيقةَ ما يُخطط لعدن، وتتويهٌ للذاتِ وللشعب الجنوبي وقواه وقواته عمّا تضمره الشرعيةُ وقوى اليمننةِ من مخططاتِ حربٍ وسيناريوهات خبيثة لإسقاط العاصمة عدن وإعادة "الحُكّام" على دبابات ومدرعات، فاتحين متفرّدين بالسلطة بعيداً عن كابوس "الجنوب" ومطالب شعبه.
واضحٌ أن عودةَ الشرعية، حكومةً وبرلماناً، إلى عدن واستقرارها والبدء بأداء مهامها والتزاماتها وفقاً لاتفاق الرياض، يعني تجسيداً للشراكة السياسية مع المجلس الانتقالي، ويعني اعترافاً بالجنوب طرفاً ذا مشروعٍ سياسي وبُعدٍ شعبي وإمكانية عسكرية وسيطرة على الأرض، وهو، بالطبع، واقعُ لن تقبلَه الشرعية ولن تسلّمَ أو تتعايشَ معه؛ إنكاراً لحق الجنوب في الشراكة السياسية والحكم، فما بال حق الجنوبيين بتقرير مصيرهم واستعادة دولتهم وفقاً للمشروع الذي يحمله شريك الشرعية "الانتقالي"؟!
الهروبُ من عدن والبحث من موطئ قدم في حضرموت أو المهرة أو شبوة، رغم كل الظروف المهيأة للعودة إلى عدن، يعني أن الشرعية وكل القوى اليمنية لن تقبلَ بدخول عدن إلا على ظهور المدافع والدبابات، وأن تلك القوى لا ترى في عدن إلا منطقة بور خالية من قواتها وقواها السياسية، وبغير كذا فالجنوبُ محتل من شعبه وواجب على قوى الشمال تحريره!!.
الحكومة لن تعود إلى عدن إلا بالحديد والنار، وهذا ما تراهنُ عليه وتخطط له؛ فما تحركاتُ قادة الشرعية بدءاً بوزير الداخلية وانتهاءً برئيس البرلمان، فضلاً الزيارات السرية إلى حضرموت وشبوة والمهرة.. إلا تكتيكٌ وإعادةُ تموضع بحثاً عن نقطة انطلاق لحربٍ خاسرة قد تكون، هذه المرة، نهايةً للشرعية اليمنية وطي ورقتها من أرض الجنوب إلى غير رجعة، إن أدرك الجنوبيون أبعادها وفطنوا مخاطرها وأحسنوا التعامل معها بعقلين سياسي وعسكري.
#وهيب_الحاجب