شكوى محافظ البنك المركزي أمام نيابة الصحافة والمطبوعات ضد صحيفة "الأيام" لا تخلو من احتمالين اثنين، كلاهما يتجهانِ بالرجل ومنظومته داخل البنك نحو هاويةٍ ذات أبعادٍ قانونية وسياسية وأخرى شعبية واصطفاف مجتمعي.
احتمالان كلٌ منهما يُعدُّ فرضيةً أساسيةً لنتيجةٍ حتمية مفادها أن الرجلَ، شخصاً كان أو مسؤولاً حكوميا، ارتكبَ حماقةً غيرَ محسوبةِ العواقب قد تطال مركزه، كرجلِ دولة في أهم موقع مسؤول عن معيشة المواطنين؛ فتقوده تلك الحماقة بالتالي نحو طائلة المساءلة القانونية والتحقيق ثم المحاكمة..! حماقةً قد تنسفُ تاريخَ الرجل وسيرته، كشخصٍ مِهْني ذي تخصصٍ وكفاءة لا علاقة لها بالسياسة وصراعات السياسيين.
الاحتمالُ الأول أن المحافظَ المعبقي أُدخِل هذا "النفق" بمقامرةٍ طائشة من مستشارية وبتصرف أرعنٍ ممن ساقوه إلى معمعة المحاكم والنيابات دون وعي قانوني ولا إدراك حقيقي واستيعاب مهني للمواد الصحفية التي نشرتها "الأيام" واعتبرها محافظ البنك تشهيراً وإساءاتٍ شخصيةً، أو عدّها مستشاروه ورجال القانون في منظومته "قضايا نشر" ومخالفةً لتشريعات الإعلام النافذة والأعراف الصحفية وشرف المهنة. أما الاحتمال الثاني فلا أستبعدُ -شخصيا- أن يكونَ الرجلُ، كشخصٍ جنوبي يحظى هنا في عدن باحترام لجنوبيته... ضحيةً لجهات "خبيثة" دفعتْ به إلى الواجهة لأهدافٍ سياسية خالصة ومشاريعَ مشبوهةٍ تأتي في إطار الحملات الممنهجة لإذكاء الصراع الجنوبي الجنوبي؛ وبالتالي اقتضت تلك المشاريع أن يُرمي بالمحافظ المعبقي (الجنوبي) إلى فوهة المدفع ليستعديَ أهمَّ مؤسسةٍ صحفية ويستهدفَ أعرق عائلة عدنية عُرفتْ بوطنيتها وبسالتها في التصدي لكل ما يهدد الجنوب، وطناً ومواطناً، متناسيا، هو مستشارية أو مَن دفع به، ما تمثّله "الأيام" من رمزية وطنية داخل الجنوب وعلى مستوى اليمن، متجاهلاً أو جاهلا أن "الأيام" باتتْ جزءا لا يتجزأ من قضية الجنوب، ومثلما كانتِ "الأيام" الرافعةَ الأساسية لتطلعات شعب الجنوب المشروعة وظلّتِ المدافع عن حقوقهم ستبقى صوتَ الشعبِ وعينه ورئته التي يتنفس عبرها.
حقاّ.. لقد غاب عن أذهانهم داخل البنك المركزي أن "الأيام" هي النقطة التي يلتقى عندها كلُّ الجنوبيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية، وهي القاسم المشترك لكل المكونات السياسية الجنوبية، والجامع لكل الفصائل العسكرية والمدنية داخل الجنوب، فلا مشاريعَ لهذه المؤسسة غير جَمْع الكل داخل الجنوب تحت راية واحدة وكلمة سواء تنفضُ عن كاهل الشعب غبار المعاناة وتسترد حقه المُغتصب، مع التشجيع، دوماً والتوعية في مختلف المراحل، بأهمية التعددية والشراكة ونبذ العنف والاقتتال ومقت المناطقية والشللية وتجريم الإرهاب بأشكاله وصوره كافة... فأنّى للرفيق المعبقي أن يستعديَ "قضيةً وطنية"؟ وأنّى للأخ المحافظ أن يصطدمَ أو يصادمَ مؤسسة صحفية هي بمثابة مشروع وطني محمي بحاضنة وإرادة شعبية وقوات مسلحة ومقاومة؟! أليس هذا لعباَ بالنار؟ أليستْ تلك المقامرة هي الجنون عينه وهي الانتحار ذاته؟!!
اللهم إني بلّغتُ اللهم فاشهد...!!
#وهيب_الحاجب عن الأيام