الحكومة.. بين الهجرتين والسقوط !!

2018-03-21 14:53

 

في الثلاثين من يناير الفائت سقطَ عرشُ حكومةِ بن دغر وبقيتْ مستعمرةُ معاشيق خاويةً على عروشها، وغادر سكانُ المستعمرة راغمين وراغبين إلى مكانٍ ما من أرضِ الجزيرة العربية قيل إن مَنْ وصله مِن المسؤولين اليمنيين بات آمناً مطمئناً وكُتِب في عداد الأثرياء و”الأُبهات”.

رئيسُ الحكومة ووزراؤه فضلوا الرحيل عن معاشيق وتمسكوا بمناصبهم ولم يستجبْ أيٌّ منهم لمطالبِ شعب الجنوب، وعاندوا وكابروا ولم ترحلّهم عن عدن إلا فوهاتُ المدافع وزحفُ الجيوش، وكانوا على استعداد لسفك مزيد من الدماء وإشعال الحرب لولا سرعة الحسم وحنكة التحالف..

 

اليوم تتساقطُ حكومة بن دغر كأوراقِ الخريف، وزراء يستقيلون دون سابق إنذار، وآخرون يلوّحون بها، وغيرهم هددوا بها مرارا، وبعضُهم ممتنعون عن أداء واجباتهم الحكومية والقيام بمهامهم.. ومعروف في العُرف السياسي اليمني أن لا أحدَ في الحكومة يفرّط بالنعمة أو “يزبطها” كما زبطَها نائبُ رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية عبدالعزيز جُباري، ووزير الدولة صلاح الصيادي، ومَنْ سيلحقهما في قادم الأيام.. 

 

الرياضُ ونعيمُها هي بالنسبة للمسؤولين اليمنيين جنةٌ وفردوس أعلى لا يظفرُ بها إلا من عمل صالحاً ولن يبلغَها إلا من سعى لها سعيَها، فأنىّ لجُباري والصيادي وربما بن دغر وتابعيهم بشرٍّ إلى يوم التحرير أن يتركوها ويتخلّوا عن سُرُرِها ونعيمها ويستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! الحقيقةُ التي لاجدلَ حولها أن حكومة أحمد عبيد بن دغر هي هجينٌ من الأجناس السياسية المختلفة، ما يجمعها فقط أنها لبستْ في لحظة ما رداءَ الشرعية وتدثّرت بغطاء المرجعيات الثلاث.

وفي الواقع أن كلَّ جنسٍ داخل تلك الحكومة (المهترئة) له مرجعياته الخاصة التي يعمل عليها ويسعى إلى تحقيق أهدافها منذُ ما قبل إسقاط صنعاء مرورا بعاصفة الحزم وانتهاء بالتحضيرات التي يقوم بها المبعوث الأممي الجديد لبدء مفاوضات يبدو أن هناك إجماعا أوروبيا على دعمها وإنجاحها هذه المرة.

 

كلُّ تلك الأجناس السياسية المتنوعة داخل الحكومة، ومنها الحوثية السلالية والحزبية الانقلابية والقبلية تدثرت بالشرعية وقوضت الحسم العسكري، وماطلت بالحل السياسي وشتت جهود التحالف العربي، واستنزفت مقدراته وشوّهت جهوده وشيطنت أهدافه منذ انطلاق العاصفة حتى اللحظة.. غير أن التوجهات الغربية لإطلاق مفاوضات جديدة وربما دعمها عسكريا أظهرت المستور وكشفت عورة الحكومة، فبدأت أوراقها تتساقط في عز الربيع، وما بعد الهجرتين إلا السقوط!!