"الجنوب يتشكّل، مرة أخرى، يتشكّل من خلال مخاضٍ أكثر عسراً من كل مرة في السابق. وفي المخاضات المُتعسرة هُنالك دائماً ثلاثة مخاوف يَشُد بعضُها بعضاً: الخوف على الأم، والخوف على الوليد، والخوف على كليهما، الأم والوليد!"
هذا ما كتبته في 19 مارس 2015، وكان ذلك بعد غزو مليشيات الحوثي وصالح، وقبل بدء عاصفة الحزم.
أدرك تماماً أن الأمور بعد هذا التاريخ باتت أكثر تعقيداً وسوءاً وإشكاليّة، وأن الخروج منها سيكون أشبه بمعجزة، وكنتُ أفضل النضال السلمي ولو استمر نصف قرن على هذا التشكل العسير، لكن الرياح تأتي بما لا تشتيه سفن أمانينا، فصار لدينا واقع مشتت ومرتبك وغير جاهز لأبسط التحديات وتم تدمير خبراته المؤسسية والاجتماعية وفوق ذلك يُحشر ضمن معادلة صعبة جدا: حرب الجميع ضد الجميع، داخلياً وخارجياً.. ومع كل ذلك، على المرء ألا يُصاب باليأس والقنوط فيمنعه من الاجتهاد للبحث عن معالجات فعّالة على قدر هذا الواقع، عوضاً عن الجلوس في شرفات عالية لاستعراض المثاليات أو للندب والنواح، فلا مجال للسقوط أكثر خصوصاً ونحن نرى تجارب عديدة أكثر مأساوية وكارثية في المنطقة.
لكن البعض لا يميز بين ما نحلم به ونتمناه وبين ما هو واقع يجب أن نتعامل معه مهما كل أشعثاً أغبراً، وتشوبه الكثير من الاختلالات، وفوق ذلك ليس لدى "هذا البعض" أي رؤية أو تصور للخروج الأمن من حافة الهاوية السحيقة يُشير علينا بها!