الحمد لله أن الجهة التي تقف خلف اغتيال أمجد أصبحت معروفة إلى حد كبير، وبالتالي فعلى الجميع توحيد الجهود في سبيل ممارسة الضغوط حتى تنال هذه الجهة العقاب المستحق.
لكن ما لفت انتباهي من ردود الأفعال حول الحادثة وملابساتها هي ردة فعل البعض الذي صار يعنّف كل من يعتقد بوجود "أسباب سياسية" وراء تصفية الشهيد أمجد خوفاً ـ كما يزعم من تمييع القضية ـ وكأنه يجيز قتل الناشطين تحت أسباب سياسيّة أو على الأقل يعتبر مثل هذه التصفيات أمراً لا يحتاج إلى عناء التضامن والشجب والتنديد!
بالنسبة لي كل الاحتمالات واردة، أي أن تكون التصفية جرت تحت دوافع دينية متطرفة أو سياسية أو الأثنين معاً. وطالما والسبب الأول بات من الوضوح لدرجة أنه ليس بحاجة إلى عناء التحليل، فإن "الدافع السياسي" ما زال بحاجةٍ إلى توضيح أكثر ليتم الإلمام بكل أبعاد وجوانب وتبعات قضية أمجد بما يضع أثراً دالاً في طريق الحقيقة والموضوعية. وهذا الدافع يطرح نفسه من خلال عدّة فرضيات:
- الشهيد أمجد ناشط شرس في الحراك الجنوبي سواء من خلال حضوره في الأنشطة والمظاهرات التي كان يقيمها الحراك وكذلك إعلانه عن آرائه وتوجهاته بكل قوة وصراحة، فضلاً عن ثقافته الواسعة وتأثيره في الوسط الثقافي والشبابي بعدن، كل ذلك يجعله في مرمى التصفية السياسية، ولهذا النوع من التصفيات تاريخ طويل في اليمن.
- بدأ تصفية الناشطين الحراكيين منذ وقتٍ مبكر، وخلال العشر سنوات تم تصفية أبرز الناشطين الشباب المؤثرين، وبصورةٍ منتظمة (طبعاً أستغرب من بعض الأصوات التي خرجت مؤخراً للصراخ بدعوى الدفاع عن حرية الرأي والاختلاف بينما لاذت بالصمت عندما كان الأمن المركزي يقوم بقتل رموز حراكية مدنية خالصة عيني عينك منذ سنوات طويلة تحت ذريعة "الدين الوحدوي" "والفتاوى الصالحيّة" "والانفصال الإلحادي"، وربما قد يستنتج المرء من بين ثنايا هذا التناقض الصارخ في المواقف أن قتل الناشطين الحراكين بالنسبة لهؤلاء عملٌ جائز أو حدث غير ذات أهمية ولا يدخل في إطار "اقتلاع الرأي الآخر").
- لو سألت أي ناشط من الناشطين المدنيين عن الدوافع الحقيقية من وراء تصفية أكثر من 150 كادر من كوادر الحزب الاشتراكي بين عامي 90-93م، لما تردد قط في اتهام تحالف صالح-الإصلاح في الوقوف وراء تلك التصفيات، مع إن المنفذين كانوا ـ في الظاهر ـ عناصر متطرفة ومعروفة ويتحركون بحرية مطلقة في العاصمة صنعاء. فلماذا لا يكون هناك احتمال ولو بسيط في أن يتكرر الأمر خصوصاً وأن الأطراف التي كانت متهمة بالوقوف خلف التصفيات ما زالت هي هي بكل رموزها وأجهزتها ومتطرفيها، وكذلك الأوضاع العامة تكاد تكون متشابهة تماماً.
- لو كان اقتصر الأمر على الشهيد أمجد لقلنا أن الاحتمال بوجود دوافع متطرفة خالصة قد يكون الأرجع، مع وضع في الاعتبار الملاحظات السابقة، لكن ما تعرض له الزملاء الصحفيين بدعوى وجود صداقة بينهم وأمجد يضع القضية برمتها في سياق أوسع.
- قائد لواء عشرين الإرهابي النوبي موجود في قيادة اللواء منذ مدّة طويلة، واعتقد أن أي محلل سيضع في اعتباره عند محاولة الوصول إلى رأي موضوعي حول القضية السبب الذي دفع النوبي إلى التحرك الواسع في هذا التوقيت بالذات؟
كل ما قلته لا يقلل من شأن الشهيد الخالد أمجد، فقد كان وسيظل رمزاً ثقافياً ومدنياً ونضالياً كبيراً، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال الجناة أقصى العقوبات.
#سلام_على_روحك_أيها_الرفيق_الحي_دوماً_وأبداً
*- أمين اليافعي