‘‘الشرعية‘‘ والعودة إلى باب اليمن !!

2016-11-04 13:34

 

العملُ السياسي الجنوبي والتحركات المكوكية للنخب الساعية لإيجاد حامل سياسي لم تَعُد تضير السلطاتِ اليمنيةَ والشرعية في شيء ؛ لما ظهر عليه ذلك العمل وتلك النخب من عجزٍ في الأداء وهشاسة في الموقف وضعفٍ في الإدارة والتخطيط .

 

هذه الروح الانهزامية والعشوائية والبطء -غير المبرر- في انجاز مشروع "الحامل السياسي"  شجّع العدو على استغلال حركة الشارع الجنوبي وتجييرها بخبث مُتعمّد نحو تأييد الشرعية التي تتقاطع أهدافها تماما مع مبادئ وأهداف التوجه الشعبي في الجنوب وإن التقيا في بعض التفاصيل الهامشية ، وبالتالي مراهنة الأحزاب اليمنية المغلّفة بالشرعية على اللعب بالمكشوف على هذه التفاصيل الهامشية مستغلةً ضعف الأداء الجنوبي وانحسار تواجده اليوم على الأرض إضافة إلى ما تلاشى وذاب في حضن الشرعية اليمنية . هذه الظروف مجتمعةً تعد تطوراً خطيراً في مسار الثورة الجنوبية وتحركات الشعب ومطالبه وتطلعاته نحو الاستقلال ، فسياسةُ التجويع وتضييق العيش من قطعٍ للمرتبات والخدمات تدفع الشعبَ للبحث عمن ينتشله من هذا الوضع المزري ويأخذ بيده نحو العيش وإن لم يكن خالصاً في الكرامة ، ولعل التظاهر يوم الخميس الفائت في عدن تأييدا للشرعية هو هروب للمواطن الغلبان من هذا الواقع المصنوع بحنكة إلى وضع آخر ربما يرى فيه الناس مخرجاً من النكد والجوع ، ومشروع تطبيق الأقاليم الستة هو المخرج الذي تحاول الشرعية أن تلمّعه وتقدمة بطريقة مغلوطة للعامة في الجنوب ، لكن العكس تماما هو الصحيح إذ أن ضيق الحال يجبر أحيانا على الخروج إلى وضع ربما سيكون أضيقَ حالا وأشد شقاءً وبؤساً ، وهذا هو الحال الذي سيحصل لا محالة جرّاء تأييد الشرعية والانجرار ورائها هربا من واقع مؤلم لا تأييداً حقيقيا أو مناصرة لها ، هذا ما سحصل جراء الهرولة العمياء ووراء توجهاتها -أي الشرعية- دون حساب النتيجة ودون معرفة كافية بمَن في يده أمر هذه الشرعية وإلى أين يوجهها وكيف يستغلها استغلالا سياسيا لتغيير مواقف الجنوبيين الأصيلة وإحلال بدلاً عنها مواقف مستوردة تقود إلى باب اليمن ثانية !!

 

إن هذه التوجهاتِ العدائيةَ التي تخطوها السلطاتُ اليمنية وشرعيتها على أرض الجنوب إنما هي عملٌ سياسي بحت يستهدف مواقف الجنوبيين المتمسكة بالاستقلال ويسعى إلى تبديلها أو تشويهها وتزويرها على أقل تقدير ، علاوة على السعي الدائم إلى مجابهة وإفشال أي جهود جنوبية للتوحد ، بمعنى أوضح أن تلك الخطوات اليمنية هي مشروع سياسي يُراد له أن يوازي مشروع الحامل السياسي الجنوبي المُنتظَر ويجابهه ويتخندق في طريقه ، ولعل محاولة استغلال حركة الشارع الجنوبي لصالح الشرعية يأتي في إطار "الضربات الاستباقية" ضد الحامل الجنوبي والبدء بالتخطيط لمجابهته ووأد مشروعه قبل أن يولد ، والفراغ السياسي الذي يعيشه الجنوبيون والركود والنوم في العسل ساعد الشرعية على توجيه مثل هذه الضربات التي لم نستشعر ألمها بعد !

في الخلاصة أن هذه الخطوات المدروسة للشرعية اليمنية وضرباتها الاستباقية في الجسد الجنوبي لن تمسَّ جوهر القضية بشيء بيد أنها ستؤثر وستؤخّر وربما ستعرقل أي مشروع جنوبي في الوقت الراهن .. وأن "الحامل السياسي" بات اليوم -أكثر من أي وقت مضى- ضرورةً ملحّة لسد الفراغ السياسي في الجنوب وللوقوف بقوة في وجه كل المشاريع اللعينة القادمة من الشمال آملةً إعادة الجنوب إلى باب اليمن ثانية .