تدخّلُ قواتِ الحزام الأمني لقتال القبيلتين المتناحرتين في منطقة تُلّب بمكتب اليزيدي يافع أو قتال إحداهما خطأ جسيمٌ غير محسوب العواقب وقرار غير موفّق وغير سديد في هذا التوقيت وهذا الوضع العصيب الذي تمر به البلاد ، فنحن في زمن اللادولة ، وهذا النوع من القضايا يحتاج دولة بجهازها القضائي الذي يحرّك ويأمر الجهاز الأمني للقيام بمثل هذا النوم من المهمات وفقاً لمقتضيات الشرع والقانون .
إن أية مواجهة مباشرة تقدم عليها قوات الحزام الأمني مع أي من القبيلتين إنما هي حماقة ستزيد من اتساع دائرة الفتنة والعنف والتناحر في يافع ، وإن أي معركة من هذا النوع لن يكون فيها منتصر ولا رابح بل كلنا في يافع سنكون خاسرين ومهزومين ومضحوك علينا ، فالقاتل يافعي والمقتول يافعي والخصم والحكم يافعي والفتنة تقلق سكينتنا وتنتزع طمأنينة أهلنا وأطفالنا وتستهدف نسيجنا الاجتماعي والقبلي من جذوره ، لهذا يجب أن تبقى قوات الحزام الأمني والمقاومة التي زُج بها إلى هناك كقوات حفظ سلام بين الطرفين وليس كقوات تدخل سريع كما يُراد لها أن تكون في هذه القضية بالذات .. يجب أن تبقى راعيه ومشرفة على أية هدنة بين الطرفين وتسعى في الوقت ذاته إلى رفع القضية لمشائخ يافع والحكماء لتبنيها مجددا ومحاولة التهدئة حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام دائم وحلحلة هذه الفتنة بكل عقدها وتقيداتها نهائيا .. يجب أن تبقى راعية سلام بين الطرفين بعيدا عن الاستفزاز ومحاولة إجبار أي الطرفين على أمور خارج قناعاته كطلب تسليم السلاح للحزام الأمني الذي يعتبره البعض استفزازا وليس طلبا عقلانيا .. يجب أن يتحلّى الحزام الأمني وقيادته بأعلى درجات ضبط النفس والحكمة والنأي بالنفس عن الدخول في مواجهات مسلحة غير محمودة العواقب .. يجب أن نكون عند مستوى المسؤولة الأخلاقية والإنسانية بعدم استدعاء طائرات التحالف لضرب أهلنا ومناطقنا في يافع كما يروج له بعض المندفعين والمتسرعين ، فذاك -إن حصل- سيكون لعنة في وجوه من تبنوا هذا الخيار واستدعوا الطائرات وسيظل وصمة عار في وجوه هؤلاء وسيخلدها التأريخ بأحرف من "بول" أعزكم الله !!
الوضع في تلب يافع اليوم يحتاج إلى حكمة وعقل أكثر مما يحتاج إلى قوة وفهلوة واستعراض عضلات على بعضنا ، لهذا أرى الأتي :
أولا: تتبنى قيادة الحزام لأمني بصورة عاجلة تشكيل لجنة قبلية محايدة من مشايخ وشخصيات اجتماعية وعسكرية ومدراء تنفيذيين وأكاديميين ، ويكون من أولويات هذه اللجنة فرض هدنة طويلة الأمد تصل إلى ثلاثة أو أربعة أشهر ، إضافة إلى استلام السلاح الثقيل من الطريقين ويبقى كعهدة لديها ، فيما تبقى قوات الحزام الأمني راعية ومشرفة على تنفيذ هذه الهدنة .
ثانيا: تسعى اللجنة المُشكّلة لهذا الغرض إلى تقريب الطرفين المتحاربين والجلوس على طاولة واحدة لحل القضية بالعرف القبلي واجتثاثها من أساسها .
ثالثا: في حال فشلت اللجنة في مسعاها هذا وجب عليها تشكيل محكمة خاصة بهذا الشأن من قضاة المحاكم ورجال النيابة العامة ورجال القانون والبحث الجنائي من أبناء يافع ولا ضير من الاستعانة بقضاة وقانونيين من عدن وحضرموت ، شريطة أن تشكل هذه المحكمة بالتنسيق المباشر مع محافظي عدن ولحج ، وتبدأ المحكمة مهامها وفقا لقانون المرافعات ثم السير بالقضية والنظر بها وفقا للقوانين النافذة ، ويكون مقر المحكمة منطقة العسكرية أول لبعوس أو أي مكان أخر تراه قيادة الحزام الأمني مناسباً .
رابعا: يكون الحكم الذي ستصدره المحكمة حكما نهائيا وباتا ونافذا وعلى قوات الحزام الأمني وقبائل يافع مجتمعة تنفيذ الحكم ورد الطرف الباغي أو المتمرد إلى طريق الحق بكل السبل المشرعية والممكنة .
*✍وهيب الحاجب*