سُبحان من جعل "التيار السلفي" في الجنوب أن يصبح بين عشية وضحاها هو قمر الجنوب المنير في ليالي الوحدة الحالكة، ويتم الاهتمام به والاحتفاء بصعود نجمه، بفرحٍ غامرٍ لا يُخطى من مسافة ألف ميلٍ.
علمانيون، علمانيون نص نص، متهافتون، أدعياء كُثر، دخلوا على خط الاحتفاء بـ"نسيم الجنوب" السلفي في الفترة الأخيرة.
سر السلفيين الكبير أنهم باتوا اليوم هم أخر الرهانات الممكنة في إبقاء "الوضع القائم" كما كان عليه، أو ما يُشار إليه تحايلاً بـ"الوحدة"، أم العقائد جميعها.
لكن لا احد يأبه لتبعات اشتداد شوكة التيار السلفي حتى وإن أفضى في النهاية إلى تعزيز الشبكة السلفية الكبيرة، بكل مستوياتها وتفرعاتها وامتداداتها الداخلية والخارجية، ومرجعياتها في الشمال قبل الجنوب، وتكريس الخط التقليدي الأكثر محافظة، وهيمنة الأفكار المتشددة، وتوفير تربة خصبة للتطرف والإرهاب، لا مشكلة في كل هذه التبعات حتى وإن عادت لنا أكثر من جاهليّة طالما بقي التيار السلفي أميناً على مهمته ووظيفته الأساسيّة المتمثلة في تمديد صلاحية الوضع القائم أطول فترة ممكنة.
البعض ينتقد القاعدة في الجنوب وبلغت به الدناءة إلى حد المعايرة، لكنه في الوقت ذاته يُبدي فرحاً طفولياً بصعود التيار السلفي، ومن فرط فرحه لا ينتبه إلى هذا التناقض الفظيع الذي يقع بين جنباته:
العلاقة بين السلفية، بجميع فرقها ومستوياتها، والتنظيمات الإرهابية علاقة طردية، وهي ليست علاقة مقتصرة على الجوانب والتأثيرات الفكريّة ولكن هنالك علاقة تنظيميّة، ويمكن قراءة السيرة الذاتية لأعضاء التنظيمات الإرهابيّة لاكتشاف هذا المعلومات التي يتم تجاهلها باستمرار، هذا في حال أبدينا بعض الصلاح وتحلينا بحسن النوايا ولم تغرينا التفسيرات التي يدسها المتشككون هنا وهناك.
أن تنتقد بشدة "الزندانيّة" بكل تجلياتها في الشمال، وتشجع صعودها في الجنوب، ذلك تناقض يستعصي فهمه حتى وإن جاء تحت تأثير "السكرة الوحدويّة" التي تُذهب العقل والوجدان والضمير معاً!!!
فلكم علمتنا "الوحدة" اكتشاف مساحة شاسعة من تجليات "الحكمة اليمانيّة" الأثيرة!!!