المتلمس للتعامل الخشن والمضطرب للمطبخ السياسي والإعلامي للرئيس هادي مع أزمة تهدد الكيان الوطني وترجع البلد للمربع الأول من الصراع والفوضى والاعتصامات ، مع فارق طفيف بان الثورة شهدت حركة وزلزلة زمانية ومكانية ، فالشعارات المتعالية ألفتها مسامع الشارع مع تغيير قواعد اللعبة ، فالثائر صار فلولا ومناصرا للظلم والجرعة ، والناشط صار ينتظم في مظاهرات مدافعة عن سياسة الإفقار والجوع لحكومتنا الرشيدة ، استذكارا لواقع الرفاق في اليمن الجنوبي " تخفيض الرواتب واجب وطني " .
رغم كل المبادرات والاجتماعات والقرارات الدولية فان السياسية في اليمن ما زالت تؤمن بقيادة البلاد بإدارة الأزمات والرقص على تناقضات الأحزاب والقوى الاجتماعية المتربصة بالتغيير في كل ساحة ومشهد سياسي جعلت المواطن اليمني يرغب عن مصطلحات الثورة والتغيير والتوافق ، وكالعادة المطبخ المرتبك وغير المتجانس زين للرئيس هادي إلباس المواطن الجرعة وكفى المؤمنين القتال ، وما زال يصر على التخبط وتسويق الجهل في معالجته للازمة التي انفجرت حشدا هائلا من البشر ترفع شعار الثورة وتطالب بالتغيير على الأرض لا على الأوراق وفي فسحات المجالس والمقايل . ونتلمس أهم ملامح التعامل للمطبخ الرئاسي مع تداعيات الأزمة الوطنية :
= المطبخ الرئاسي الإعلامي يبشر الشعب اليمني بان الجرعة القاتلة تعبر عن طموحات الشعب اليمني وستمكنه من أكل المن والسلوى في خطاب لا يمس للعقل والمنطق والواقع في شيئا إلا من باب النكاية والاستهزاء والبحث عن الفشل .
= ذلك المطبخ يضم كل نطيحة من مشرد في أمريكا أو متنعم في دبي ويمتهن الثقافة أو مدعي الوطنية في الساحات والقنوات الفضائية ، فهو لا يملك خطابا موحدا أو يعتمد على أرقام وحقائق ومعطيات تفند الواقع اليمني الملتبس على المتابع في الداخل والخارج .
= التسبيح بفضل وشمائل الجرعة السعرية والتذكير بأحادية الرئيس هادي في إدارة البلاد دون مسائلة أو تساءل أو تقييم لمجمل المرحلة الحالية ، والتي يعتقد الكثير من أبناء الشعب بأنها بحر من الضياع والتوهان وتراكم الفوضى الأمنية وتزايد بؤر الفساد والمحسوبية والمحاصصة الحزبية .
= أمر مؤسف أن يهدد البعض بصراع طائفي سني وشيعي في حال استمرار الحشود على مطالبها الشعبية والاجتماعية المحقة ، ذلك المنطق القائم على سياسة الرقص على حافة الهاوية ، أما استمر في حكمكم وقيادتكم أو تحترق البلد وتموج البلاد في صراع سني شيعي لا يوجد ، إلا في أذهان بعض تجار الفتن والأزمات .
= استثارة الغرائز التاريخية في تعسف التاريخ وتوظيف النصوص الدينية لتشبيه محاصرة صنعاء بمحاصرة اليهود للمدينة المنورة في غزوة الأحزاب ، وان سقوط صنعاء سقوط للسنة والدين والأخلاق . تحميل الصراع السياسي للوصول إلى السلطة معانٍ دينية وتاريخية لخلق مشكلة اكبر واعقد من الواقع الحالي .
= التباكي على الجمهورية التي انحرفت عن طريقها بإجماع الكثير ، وان ما يحدث في صنعاء من ثورة يقضي على مبادئ وأسس الجمهورية ، ويعيدنا لعصور الدولة الدينية الكهنوتيه .
= السعي لخلق تصادم وصراع واستعادة لغة الحروب والنار والدم بالحث على سياسية شارع ضد شارع ومظاهرة يقابلها مظاهرة ليصار إلى شعب يمني يقتل بعضه بعضا .