بدا الحراك الجنوبي بالظهور على الساحة السياسية عام 2007 اي قبل حركات الربيع العربي بفترة طويلة ورغم ذلك نجد كثير من الثورات او الحركات في الدول العربية اما ان يكون قد قطف ثمار ثورته كما في تونس او اتجهت الاحداث فيه الى منعطفات اخرى اكثر سوءا كما حصل في سوريا.
ورغم ان مطالب الحراك الجنوبي مختلفة في جوهرها عن مطالب حركات الربيع العربي حيث ان الحراك يطالب باستعادة دولته المحتلة بعكس حركات الربيع التي تطالب بالمشاركة الشعبية في الحكم في ظاهرها الا انه من الملاحظ ان الحراك الجنوبي قد اخذ منعطف بطئ في حركته وتطوره فاصبح يكرر نفسه خلال السنوات الاخيرة في مظاهرات مليونية او في ذكرى الشهداء داخليا او في لقاء بعض الشخصيات او السفراء خارجيا وايضا في اصدار البيانات تلوى البيانات عند كل مناسبة ومن مكونات عديدة داخلية وخارجية ولعل هذا الجمود في الحراك السياسي يرجع كثير من ابناء الجنوب سببه الى تشتت المكونات داخل الجنوب وايضا عدم اتفاق القيادات الجنوبية السابقة على رؤية سياسية واحدة تدفع بالحراك الجنوبي الى مستويات اعلى ليفرض نفسه داخليا ودوليا.
ورغم ان هناك كثير من الانجازات للحراك في اظهار القضية الجنوبية بعد كل سنوات الاحتلال الا ان هذه الانجازات تعتبر قليلة مقارنة بكل هذه السنين وبمقدار توفر التفاعل والقبول الشعبي مع القضية الذي لم تحسن القيادات الجنوبية استثمارة بطريقة فعالة دوليا.
ولعل اهم موضوع يخص القضية الجنوبية حاليا هو قبول المجتمع الدولي والقوى المؤثرة اقليميا ودوليا لها.
وهذا ما كان يشغل بال قيادات الحراك وجماهيره منذ انطلاق الحراك ولعلنا نلاحظ هذه الرغبة في الدعم واضحة في البيانات المتعددة وخاصة عندما نجد الرئيس علي سالم البيض يرسل النداء تلو النداء من خلال مقابلاته وخطاباته الى المجتمع الدولي والى دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الحراك وتبني قضيته في حصول الجنوب على استقلاله. تأتي هذه الحاجة للمجتمع الدولي في ظل ضعف الحراك ماديا وعسكريا خاصة بعد سقوط دولة الجنوب بكل هيئاتها وكوادرها وجيشها التي سعى الاحتلال خلال الفترة الماضية الى انهاء كل شئ يتعلق بالجنوب
ولعلنا نتسائل لماذا دول الخليج وخاصة دول الجوار لم تلفت التفاته واضحة لمطالب الجنوبيين بالاستقلال ولماذا الاذان غير صاغية لنداء الجنوبيين؟
الاجابة التي تتكرر دائما على السنة الكثير هي ان السبب هو عدم وجود قيادة موحدة جنوبية تستطيع ان تلم شتات الحراك الجنوبي.
ولكن الحقيقة التي يتغافل عنها بعض سياسي الجنوب هي انه عند التامل في العلاقات السابقة والحالية للخليج باليمن الجنوبي والشمالي وايضا التأمل في ماحصل من تطورات على الساحة المصرية نستطيع أن نستشف سبب احجام الدولة الخليجية المؤثرة والجارة للجنوب عن دعم الحراك الجنوبي لنيل استقلاله.
لنعرف الجواب لابد أن نسأل انفسنا هل تستطيع الدول الخليجية أن تضع ثقلها السياسي لتلم شتات الحراك كما فعلت مع احداث صنعاء التي وصلت لحد لاقتتال؟
نعم تستطيع وأيضا تستطيع أن تجلب الدعم الدولي لدعم اي مبادرة خاصة بالجنوب ولكن السؤال المهم والرئيس هو ماهي مصلحة الخليج وماذا تستفيد من هذا الجهد وما هو الشئ الذي قد يضيفه لمصالحها او اهدافها في اليمن؟
في لغة السياسة والمصالح لاشئ يذكر لأن النظام الحالي في اليمن وايضا المطروح من قبل قيادات الحراك الجنوبي يعتبر خارج منظومة الحكم التي تسير عليها دول الخليج وايضا خارج اهتماماتها حيث من المعلوم ان انظمتها تتبع نظام الملكيات والمشيخات والسلطنات.
وعليه فإن الهدف الحالي والمستقبلي لليمن في نظر دول الخليج هو فقط المحافظة قدر الامكان على اليمن من الدخول في نزاعات او حروب اهلية تنعكس آثارها على دول الخليج ولا يتوقع أن تتوسع الشراكة بين اليمن والخليج الى مراحل متطورة كدعم الديمقراطية ونقل البلد الى مراحل متقدمة
لذلك من المهم ان نعي في هذه المرحلة الحرجة للقضية الجنوبية ان التقدم والاستقرار الحقيقي للجنوب سياسيا وامنيا واقتصاديا للحصول على الاستقلال وايضا الاندماج مع منظومة دول شبة الجزيرة العربية هو دعوة الحراك الجنوبي لتبني نظام سياسي متوافق مع الانظمة السياسية المحيطة به.
هذا هو السبيل الوحيد ولا شئ غيره الذي سيجعل ابواب الخليج مشرعة للجنوب للتعاون في جميع المجالات بل والاندماج في منظومة دول الخليج.
ومن المعلوم أن الأنظمة الملكية لاتوجد فقط في الخليج بل موجودة في كثير من دول العالم وخاصة اوروبا بل ولا زال النظام الملكي معترف به في انظمتها السياسية وان كان هناك اختلاف في بعض تفاصيله وطريقة تطبيقه
ولكن السؤال المطروح ماهو شكل النظام الملكي او السلطاني المناسب للجنوب؟
وان كان الجواب يحتاج الى مقالات عدة ولكن باختصار في رأيي قد يكون من المناسب ان يأخذ الجنوب شكل الامارات لوجود عدد من السلطنات في الجنوب سابقا. فتكون كل محافظة جنوبية امارة مستقلة بسلطان مستقل تجمعهم دولة الولايات الحضرمية المتحدة.
ويكون السلطان منصب تشريفي مع توافق شعب كل امارة على السلطان المختار وايضا مع تبني النظام الملكي الدستوري المطبق في بعض الدول الاوروبية الذي يحدد ويضبط صلاحية السلطان ويجعل جزء كبير من القيادة هي بيد الشعب والمجالس المنتخبة
وحقيقة إن نظام سلطاني دستوري للجنوب بهذه الكيفية هو تقدم سياسي كبيرللجنوب يفتح ابواب الاستقرار والدعم السياسي والتعاون والاندماج مع دول الجوار وهو أفضل بمراحل من وهم القائد الأوحد الذي تعيشه بعض قيادات الحراك وأفضل من الأنظمة التي يبشرون بها والتي تحمل في طياتها ذكرى الانظمة الشمولية والتي في نهاية المطاف – إن وجدت - لن تشهد الدعم والاستقرار.
لانها ببساطة تسير عكس التيار الاقليمي