يا قيادات الحراك اتحدوا

2014-12-11 12:31

 

مفهوم القيادة لا يحتاج إلى دليل يقودنا للتعرف عليها لأنها ـ ببساطة ـ تظهر بوضوح في تأثيرها الفعال والخلاق بين الناس وعلى القدرة في حشد الجماهير خلف قرارها ومدى تماسكهم نحو هدفهم المنشود، وهي ليست سلطة مفروضة على الناس كما هو حال المدير، بل هي موضوعة للتأثير الفكري والروحي فيهم، ومن يستطيع أن يغرسها في نفوس التابعين يستحق لقب القيادة الرشيدة.

 

وبالتأكيد أن تلك الصفات متوفرة في قيادات الحراك وإن تعددت وتنوعت في الداخل والخارج ومن مختلف التكوينات والفصائل السياسية والاجتماعية، منها ما تعرف بالقيادات التاريخية وعلى مختلف أقدارهم ومنازلهم وتراتبهم القيادي التي شغلوها في الماضي، وكلها قيادات استحقت ذلك اللقب وبجدارة، وهي بالتأكيد قيادات أصيلة ومجربة ولا تزال تخوض نضالا شرسا مع من كانوا سببا في اغتيال حلم الوحدة الجميل والتي لا نشكك في قدراتها وهم يتصدرون المشهد السياسي اليوم ويتحدون كل الصعاب لانتصار القضية الجنوبية، ومنها تلك القيادات التي أفرزها الواقع السياسي واستطاعت بنضالها الدؤوب والمخلص أن تتصدر المشهد الحراكي الثوري في التعاطي مع القضية الجنوبية منذ بدايتها وحتى اليوم، وما تلك المليونيات التي جالت وصالت في كل ساحات وميادين الجنوب إلا شاهد على ذلك، وكل ذلك الحشد والزخم الجماهيري وكل تلك الأنشطة والفعاليات التي ينفذها الحراك الجنوبي من اعتصامات وعصيان مدني وفعاليات يومية وأسبوعية ودورية بتلك الصورة الموحدة والرائعة للشارع الجنوبي هي في الأصل صادرة وفق قرارات ومن قيادات وإن تعددت وتنوعت.

 

وإذا كان ذلك الأمر مقبولا خلال الفترة الماضية إلا أن ذلك لم يعد مقبولا في الوقت الحاضر في ظل الصوت المسموع للقضية الجنوبية أمام دول العالم وأمام الهيئات والمنظمات والمحافل الدولية، وبات من الضروري بل والحتمي أن تكون هناك رؤية سياسية موحدة تطل من نافذة واحدة لمخاطبة الرأي العام الداخلي والإقليمي والدولي، وهو ما عجزت عنه تلك القيادات حتى اليوم، الأمر الذي يرسل برسالات عدم الرضا والاطمئنان للداخل قبل الخارج على مستقبل القضية.

 

ويظل الأمر مربكا ويزداد تعقيدا يوما بعد آخر في حلحلة القضية والتي ما كان لها أن يطول أمدها أكثر من ذلك لولا ذلك الإرباك في عدم وجود للرؤية السياسية الموحدة، وهو ما يؤثر جليا على نفوس ومعنويات الشارع الذي يطلق كل يوم تأخير صيحات الإنذار والتحذير، في وجوه تلك القيادات كتعبير عن الاستياء والغضب، لاسيما مع قرب عقد المؤتمر الجنوبي الجامع والمزمع انعقاده في النصف الثاني من الشهر الحالي، والذي ـ باعتقادي ـ يشكل الفرصة الأخيرة وفقا لمستجدات الأوضاع، والذي يأمل الجميع بأن تتغلب فيه مصلحة الهدف والمصير للقضية على كل المصالح الأنانية والضيقة، ليضعوا نصب أعينهم دماء الشهداء وآلام الجرحى وتضحيات المعتقلين من أجل انتصار قضية الجنوب العادلة.