يبدو المؤتمر الشعبي العام من خلال رؤيته المقدمة لمؤتمر الحوار الوطني تحت عنوان (رؤية المؤتمر الشعبي العام للحلول والضمانات للقضية الجنوبية) غامض ومرتبك , ففي رؤيته المكونة من 8 صفحات والتي يبدو للقارئ من الوهلة الأولى إنها كتبت (من غير نفس) , كان المؤتمر الشعبي العام في رؤيته قد تبنى خيار الدولة الاتحادية في الوقت الذي يخرج علينا زعيمه علي عبدالله صالح في تصريح لصحيفة الوطن العربي معلنا (بقاء الشكل السياسي لدولة الوحدة كما هو من دون تغيير وأن الدولة الاتحادية لن تمر ) ولا شك أن هذا التناقض والارتباك يدل على حالة من التمزق السياسي والضعف أدت في النهاية لخروج رؤية هزيلة أميل لتسميتها ( عصيدة المؤتمر ) .
وحتى لا نستغرق كثيرا في الحديث عن الظروف الداخلية للحزب وما يعتريه من هزال , دعونا ننتقل مباشرة لمناقشة أهم ما جاء في الرؤية الموجودة كملف Word على موقع الحوار الوطني ndc.ye لمن رغب بقراءتها كاملة .
تحدثت الرؤية عن دولة اتحادية وتجاهلت مصطلح ( الفدرالية ) .. كما هو حال رؤية التجمع اليمني للإصلاح , وفي السياسة يعتبر مصطلح الدولة الاتحادية الغامض والفضفاض وسيلة شبه دائمة للقوى النافذة وأنظمة الحكم الديكتاتورية في أي من دول العالم الثالث فهو مصطلح مطاط لا يلتزم بالفيدرالية القائمة على حق كل إقليم في إدارة ثرواته , ومن المعروف أن أي دولة (فدرالية) هي اتحادية ولكن ليس بالضرورة أن كل دولة (اتحادية) تشتمل على الفدرالية , ولعل في هذا النفس الغامض ما يدعونا للحذر من هكذا قوى سياسية تفتقد للشفافية في التعامل مع الإنسان البسيط .
جاء في فقرة شكل الدولة ما نصه :
اقتباس1 :
الجمهوريـــة اليمنية دولة اتحاديـــة، غير قابلة للتجزئة نظامها جمهوري ديمقراطي، تتكــون من إقليم مدينة عــــدن الاقتصــــــــادي وعــدد من الأقاليم تديرها حكومات محلية وتتكون الأقاليم من عدد من المحافظات والمديريات.
انتهى الاقتباس
اقتباس2 :
انتهى الاقتباس
في هذين الاقتباسيين يصر المؤتمر الشعبي العام على مواصلته ثقافة الضم والإلحاق التي مارسها تجاه الجنوب منذ عام 1994 م , يبدو هذا جليا في محاولته الحجر والحجر على الشعوب في ممارسة حقها المشروع بتقرير المصير كقانون دولي ملزم , كما انه يعطي للسرق والمتنفذين خمس سنوات إضافية أو أكثر من حالة اللا ضبط لمواصلة أعمال النهب الممنهج لثروات الجنوب ومقدراته .
أما المصيبة والتي ينكشف من خلالها إصرار المؤتمر على مواقفه القديمة وتصلبه عند حقوقه المشروعة في السرقة والشفط والنهب فتظهر جلية في الفقرة المعنونة بـ (الموالد المالية ) وأقتبس لكم أهم ما جاء فيها :
اقتباس 3:
- الموارد السيادية والثروات الطبيعية بما فيها النفط والغاز والمعادن الأخرى ملك للدولة وتتولى الحكومة الاتحادية تحصيلها والرقابة عليها وإعادة توزيعها وفقا (((لاحتياجاتها))) والاحتياجات في مختلف الأقاليم والمحافظات ويحدد الدستور والقانون ذلك.
انتهى الاقتباس
هل فهمتوا الآن ؟ لن يتغير شيء .. هوذاك هو عبود .. النفط والغاز والذهب لهم واللخم والتنباك لكم .
أيها السادة القراء .. لم يسجل التاريخ الحديث حالة واحدة لاحتلال تخلى فيها يوما عن عادة النهب والسلب الممنهج والاستعباد فهي صفة ملازمة شئنا أم أبينا إن تخلى عنها الاحتلال زال, فالاحتلال دائما ما يلتزم بهذه الصفة ويكرسها في كل سانحة أو جانحة والحديث عن أي شكل من أشكال الفدرالية أو حتى الحوار أو الأقلمة مع ( محتل ) ما هو إلا ضرب من العبث والاستهتار بالوقت والتضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا الجنوبي العظيم .
أيها السادة .. بهذه الفقرة أفضل أن أختم مقالي حتى لا أفقد التزامي ..
أما بقية أجزاء العصيدة فلا اعتقد إنها تستحق الوقت , فكما أسلفت لكم يبدو إن عبود كتبها من غير نفس.