لنتصور أن الضفة انفجرت ضد الاحتلال , تزامناً مع الحرب في غزة , لا أن تقتصر المسألة على عمليات فردية متفرقة يقع ضحيتها (هباءً) مئات الشبان الفلسطينيين . تعليق قيادي في السلطة "هل تريدون للضفة أن تتحول , بدورها , الى ركام ما يحفّز اليمين الاسرائيلي على تنفيذ خطته , منتهزاً الفوضى الدولية الراهنة , وكذلك الخواء الاقليمي , لتكون النكبة الأخيرة بترحيل من تبقى من الفلسطينيين من أرض فلسطين ؟" .
غريب هذا المنطق , كما لو أن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة , حتى في ظل "حزب العمل" , توقفت , يوماً , عن القضم التدريجي لأراضي الضفة , باقتلاع الأهالي من عشرات القرى , في حين تواجه السلطة (الوطنية) ذلك بالتنديد الببغائي , وبالشكوى , ليجد الفلسطينيون أنفسهم , ذات يوم , وقد تحولوا الى رهائن في أيدي البرابرة .
لنتذكر ما حدث للحكومات الاسرائيلية (ولاسرائيل) لدى اندلاع الانتفاضة , وانعكاس ما دعي بـ"ثورة الحجارة" على الرأي العام الغربي الذي بدأ يستيقظ من ذلك الركام الثقافي , والتاريخي , بعد قرون من الاستنزاف السياسي , والاقتصادي , والدموي , للمجتمعات الأخرى .
أحد أركان "محور الممانعة" قال لنا "أستطيع أن أؤكد لكم أن عملية "طوفان الأقصى" التي وجهت ضربة مدوية الى أصحاب الرؤوس الخشبية في الدولة العبرية هي حلقة من سلسلة حلقات , وتمتد من شواطئ البحر المتوسط الى شواطئ البحر الأحمر , للحيلولة دون سقوط ما تبقى من دول المنطقة في تلك الحفرة الجهنمية التي أبتدعها صقور اللوبي اليهودي , أي "صفقة القرن" , وهي تعني تحويل العرب , كل العرب , الى عبيد للهيكل . ألم يقل مايكل بن آري , مؤسس حزب "العظمة اليهودية" , "اننا سنبني الهيكل الثالث ... بجماجمهم" ؟
ماذا يعني ذلك سوى "تفريغ العرب من أرواحهم" , كما دعت رانيا لافايس (حركة نحلاه الاستيطانية) لأن "دولة يهوه" لا تستطيع البقاء وسط تلك "الأرواح الشريرة" . جنيفر روبن , الكاتبة في "الواشنطن بوست" , تخشى أن يكون بنيامين نتنياهو فد وقع في قبضة "حزب الله" .
اذا لم تتمكن ادارة جو بايدن من احتواء بنيامين نتنياهو , أو ازالته , فهذا يعني أن الحرب في طريقها الى التوسع , بعدما ذكرت مصادر ديبلوماسية عربية أن أجهزة الاستخبارات الاطلسية حذرت قيادات اسرائيلية من احتمالات عاصفة تنتظرها . التقارير تشير الى "شيء ما يحدث تحت الأرض" في الضفة الغربية , وينذر بانفجار وشيك , وواسع النطاق , حالما يبدأ الزحف الاسرائيلي في انجاه لبنان . الحرائق تجتاح المنطقة , لتكون القواعد العسكرية الأميركية في مرمى النيران اذا ما حاولت مساعدة اسرائيل عملانياً أو لوجيستياً .
تلك الأجهزة , وتبعاً للمصادر الديبلوماسية العربية , تشير الى التصعيد النوعي للمقاومة في لبنان , والذي يعني أن الاسرائيليين سيكونون أمام "اختبار جهنمي" بعدما تبيّن أن لـ"حزب الله" عيوناً داخل اسرائيل تزوده بكل ما يلزم حول التحركات العسكرية , وحول الأهداف الحساسة , سواء كانت عسكرية أم مدنية ذات أبعاد استراتيجية .
وحتى على المستوى الميداني , اسرائيل , بتقدمها التكنولوجي الهائل , تواجه مشكلة التصدي حتى للمسيّرات المنفردة التي يطلقها الحزب , وبدقة (وفاعلية) مذهلة , دون أن تتمكن الأجهزة الاسرائيلية الفائقة التطور من رصدها , لتشير الصحف الاسرائيلية الى صدمة القيادات السياسية , والعسكرية , من اسقاط مضادات الحزب طائرة "هرمز ـ 900 " التي تحاول تل أبيب تسويقها دولياً "كظاهرة فضائية عجائبية" في أدائها .
أعقب ذلك , كما رأينا توجيه صواريخ أرض ـ جو الى المقاتلات الاسرائيلية , بوجود طواقم تقنية على مستوى عال من الكفاءة , والى حد الذي يجعل المعلقين العسكريين يتحدثون عن "نوع من التوازن" بين الطواقم الاسرائيلية وطواقم الحزب في هذا المجال .
الأميركيون على اطلاع دقيق بالوقائع وبالاحتمالات . الصحافي البريطاني باتريك كوربون قال "ان معجزة الأيام الستة قد اندثرت" , وحيث رأى الحاخامات التماثل (اللاهوتي) بين خلق الكون في 6 أيام , و"استعادة مساحات شاسعة من "أرض الميعاد" في 6 أيام .
كم هي الأيام التي انقضت على ذلك اليوم في 7 تشرين الأول ؟ ثمة أيام سوداء أخرى تنتظرهم . الأميركية جنيفر روبن تساءلت ما اذا كان نتنياهو قد أصبح في قيضة "حزب الله . السؤال يكفي ...
*- نبيه البرجي