ثلاثين عاما من النضال السلمي ثم المسلح وبعد حربين ظالمتين وإجتياح للجنوب بقوة السلاح والفتاوى الدينية الصادرة عن مشايخ النظام في صنعاء بتكفير شعب الجنوب العربى وإهدار دمائهم ونهب ثرواتهم لم يعد للحديث عن الوحدة أي معنى بل أصبح هدرا للوقت وإيغار للكراهية في الصدور.
لقد مارس نظام صنعاء الخديعة والتُقية منذ البدايات الأولى للوحدة حيث غدر بشريك الوحدة عندما بدأ سلسلة من الإغتيالات لقيادات وكوادر الجنوب في صنعاء بدأها باغتيال مستشار وزير الدفاع ماجد مرشد سيف على أيادي قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري في صنعاء بتاريخ 21 يونيو 1992م ومازالت مستمرة إلى اليوم عن طريق حزب الإصلاح الإخونجي الذي لم يكتف بتصفية كوادر الجنوب بل لجأ إلى التحريض وإصدار فتاوى التكفير بحق أبناء الجنوب ، ولم يكتف عند هذا الحد بل إستعان بالأفغان العرب في حربه على الجنوب العربي الأرض والإنسان.
وقبلها إنقلب نظام صنعاء على وثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها في 18 يناير 1990م برعاية الملك حسين في الأردن ليقوم بأعلان الحرب على الجنوب في 27 إبريل من العام نفسه ( 1994م ) من ميدان السبعين بصنعاء بعد أن قام بعملية تحريض وأسعة ضد شعب الجنوب ضاربا باتفاقية الوحدة ووثيقة العهد والإتفاق والقانون الدولي والإنساني عرض الحائط.
بعد حرب إستمرت سبعين يوما سقطت عدن والجنوب العربي بيد الإحتلال اليمني الذي مارس بحق شعب الجنوب كل أنواع الظلم والإقصاء والتهميش والإخفاء القسري والإبعاد لأكثر من 30 ألف في السلك العسكري فقط من وظائفهم وحرمانهم من أعمالهم والحق في الحياة الكريمة على أرضهم ناهيك عن المدنيين.
وبالإضافة إلى نهب ثروات الجنوب وتسخيرها لصنعاء وطوقها من مشايخ وقبائل أصبحت كل وظائف الخارجية والأمن والمناصب العلياء محرمة على مواطني الجنوب العربي بل كان من العجائب أن تجد جنوبي في كلية عسكرية أو حربية إلا إن كان والده موالي لعفاش ونظامه.
كل هذا الضيم سارع إلى قيام حركات تحررية من هذا الاستعمار البغيض منها ماهو سلمي وآخر مسلح.
وفي مارس من العام 2015 جددت قوى صنعاء إجتياحها للجنوب للمرة الثانية وهذه المرة برعاية إيرانية وواجهة حوثية وأيدي يمنية من مختلف القوى ، إستطاع الجنوبيون بمساعدة من التحالف العربي تحرير أرضهم من الإحتلال الحوثي والقوى المنضوية تحت رايته ودفع ثمن باهظ من أجل ذلك.
طيلة ثلاثين عاما من النضال السلمي التحرري والكفاح المسلح تم بلورتها بأنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة القائد عيدروس الزبيدي المفوض شعبيا والذي يمثل كل مواطني الجنوب العربي بمختلف شرائحهم من باب المندب غربا إلى المهرة شرقا من أجل إستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة بحدودها ما قبل صباح يوم 22 مايو 1990م.
ثلاثون عاما من النضال قدم فيها شعب الجنوب تضحيات جسام عشرات الآلاف من الشهداء وأضعاف أضعافهم من الجرحى حيث أصبح في كل منزل جنوبي هناك شهيد أو جريح، وضرب أروع الأمثلة في الإنتماء والوفاء والثبات على مبدأ التحرير والإستقلال.
اليوم وبعد كل التضحيات والأحداث التي عصفت بشعب الجنوب على أيدي مدعي الوحدة زورا وبهتانا أصبح الجميع يعلم في الخارج قبل الداخل أن الوحدة لم يعد لها وجود إلا في مخيلة أصحاب المصالح الذين يهمهم ثروة الجنوب قبل إنسانه ، وأصبح كل جنوبي مقتنع قناعة تامة أن الوحدة تم إغتيالها من قبل نظام صنعاء وتم إعلان وفاتها في ميدان السبعين عندما تم إعلان الحرب على الجنوب العربي.
بقلم. عبدالسلام السييلي.