أنا مع الإخوان المسلمين ، ومع الإسلاميين على اختلاف درجات تشددهم .. مع التكفيريين منهم والتفجيريين، مع المعتدلين ومع المتشددين. مع حقهم في أن يحكموا ويقمعوا ويجلدوا ويشبعوا حاجتهم الشديدة إلى الحكم وإلى القمع .
يقول – إميل سيوران - : "حين يشبع الطغاة شراستهم يتحولون إلى رجال طيبين ..وكان يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها لولا غيرة العبيد ورغبتهم في إشباع شراستهم أيضا .. إن طموح الخروف إلى أن يتقمص دور الذئب هو باعث أغلب الأحداث".
وإذا كان الطغاة بحسب" سيوران" يتحولون إلى أناس طيبين بمجرد أن يشبعوا شراستهم فإن الإسلاميين العنيفين والمتشددين لو قُدّر لهم أن يصلوا إلى السلطة ويمكثوا فيها ما يكفي لإشباع حاجتهم إلى الحكم وإلى القمع والترف فلربما زال تشددهم وصاروا ليّنين ومتسامحين.
وحتى لو افترضنا أنهم ازدادوا بالسلطة تشدداً وعنفاً فتلك ليست مشكلة ..ذلك أن وجود الإسلاميين في الشارع أخطر في رأيي من وجودهم في الحكم وفي السلطة .
الإسلاميون في الشارع مخيفون ومرعبون ، ولقد كانوا هم الوحيدين الذين يسمح لهم بممارسة القمع بحرية .
وعلى سبيل المثال فإن الإسلاميين لخشيتهم الدخول في مواجهة مع هذا النظام أو ذاك كانوا يجدون البديل في الأدباء والكتاب والمثقفين.. يكفرونهم ويقمعونهم ، ويشعرون وهم يكفرون ويقمعون هؤلاء الأفراد العُزّل والمقموعين من قبل الأنظمة، بأنهم من جهة قد انتصروا للإسلام وللمسلمين، ومن جهة ثانية طمأنوا الحكام بأنهم ليسوا ضدهم، وإنما ضد العلمانيين الكفرة الملاحدة أعداء الإسلام . ونفس الشيء فقد كانت الأنظمة الحاكمة في كثير من الأحيان تستخدم الإسلاميين في تكفير وقمع المعارضين .
كانت تخافهم وتُخوّف بهم الخارجين عليها .
كانوا سوطاً في يدها تجلد بهم كل من ينتقدها ويعارضها ،وكانت تستدعيهم كلما احتاجت إليهم وإلى فتاواهم الجهنمية .
لذلك فقد سعدت كثيراً بصعود الإسلاميين إلى السلطة في أكثر من قطر عربي، وقلت بيني ونفسي : الآن صار من حق الإسلاميين أن يستقلوا بسوطهم بدلاً من أن يظلوا سوطاً في يد الأنظمة .
غير أن خروج الإسلاميين في مصر من السلطة بهذه السرعة، وقبل أن يشبعوا حاجتهم إلى القمع يبعث الخوف في النفس .