حكم الإمامة في اليمن وزهدهم

 

سوف اتطرق هنا من خلال أحاديث والدي الشيخ قاسم المفلحي رحمة الله عليه، وما سمعته من أحاديث بعض الشخصيات اليافعية عن صفات الامام احمد حميد الدين وابنه المثقف الواعي الوطني ولي العهد البدر طيب الله ثراهما.

 

وأحب ان انوه ان النظام الجمهوري لم يكن بعدل وزهد النظام الملكي فقد كانوا ملوك اليمن يتمتعون بالزهد والامانة والطيبة والدماثة والبساطة المدهشة.

 

ولن نصدق من استولوا على الحكم في اليمن بعد الانقلاب على حكم الامامة، فهم ولكي يبرروا تحكمهم واحكام قبضتهم على السلطة، فعليهم ابراز ادوارهم وإخفاء مثالبهم بالتعرض الدائم بالحديث الجارح عن فترة حكم الأئمة الذين وللحقيقة، كانوا زهدا وطيبة تمشي على الارض.

 

ومن ذكريات والدي مع الامام احمد حميد الدين وولي عهده البدر. فقد كان يزورهم الى بيتهم المتواضع في مدينة تعز "صالة" وكان يعجب الى بساطة الحياة والمأكل والأثاث في بيوت ملوك عظام .

 

واخبرني ان الامام كان يصرف على نفسه من بعض ما يدخره من بيع محاصيل الارض ولم يستاثر بمعاش حكومي . وان الزكاة كانت تجلب من كل بقاع اليمن من بن وحبوب بل وعسل

وحتى ماء الورد والسمن والريالات الفضية (ماريا تريزا). وكان بيت المال هو بيت الشعب بحق .

 

ولقد أدهشه ان الناس كانوا يجدون التعاون والدعم السخي

بما فيهم المسافرين وعابري السبيل والطلاب في الخارج ومنهم طالب يمني من تعز تطرق في كتاب ذكرياته انه سافر الى امريكا للدراسة فخصص له الامام احمد راتب شهري منتظم كما كان يدفع رسوم دراستة للطب في الجامعة.

 

كتب هذا الطالب كتابا شرح فيه طيبة الامام احمد وكرمه وزهده وانه قابله لمرتين في العين الحامية في الحديدة، فكان ان اغدق عليه بالعون والعطاء السخي.

 

وعن التعليم فقد زار الامام احمد، الشيخ ابوبكر النقيب وطلب ان يساعده في فتح مدرسة لدراسة ابناء يافع فوافق واختار لها الموقع قرية ( قعطبة ) وخصص لها افضل اساتذة اللغة العربية والفقه بل والعلوم العصرية من رياضيات وجغرافيا وصحة ونحو .

 

وعن هذه المدرسة فيقال ان المملكة العربية السعودية كانت تدعم بسخاء هذه المدرسة بعد ان زار الشيخ النقيب السعودية والتقى بالملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه حيث وافق على دعم هذه المدرسة والتي تخرج منها طلاب نجباء.

 

وعن اهتمام الامام احمد حميد الدين في البعثات. فقد كان يبتعث الى فرنسا طلاب اليمن المجدين ومنهم محسن العيني، لكنه عدل عن فكرة ابتعاث الطلاب الى فرنسا فكانت وجهته الاتحاد السوفيتي !

 

ساله صحفي ايطالي زار تعز، سال الامام عن السر في تحول البعثات من فرنسا الى الاتحاد السوفيتي ؟ فكانت اجابة الامام عجيبة، فقد اخبره بان طلاب المنح الى فرنسا يعودون بفكر شيوعي بينما يعودون طلاب الاتحاد السوفيتي اعداء للشيوعية!!

 

زرت بيت الامام وليس قصره فهو بيت قديم في تعز وليس فيه ما يدهش من رخام او منحوتات او ثراء في الاثاث والقمريات. ذلك البيت، هو شهادة ناصعة ان الامام احمد رحمه الله كان زاهدا وبسيطا ومتقشفا. هناك من قال ان الامام كان صارما، ولكن اليمن إذا لم تكن صارما فسوف لن تخضع لك تلك الوحوش الكاسرة.

 

اخبرني صديق ان والده حدد يوم العيد لزيارة الامام احمد ليتناول الغداء في منزله. يقول وجدت الامام يتناول وجبة غداء العيد مع العسكر! وكان ان وزع اللحم بين الجنود والحاشية فلم يبق معه الا قطعة صغيرة مد لي بها وقال سامحني العسكر ما خلوا شيء.

 

هكذا كانوا من قالوا عنهم انهم ملكوا خزائن الارض بذهبها وفضتها وعقيقها. والله ما ملكوا غير التعب وسهر الليل، و بين قبائل جاحدة متوحشة أدمنوا الفتن والشحناء والعبوس.

 

علمت ان الرئيس عبد الفتاح السيسي قابل ابن الملك فاروق في القاهرة وطلب الصفح لما تسببه لهم النظام الجمهوري المصري من احزان وموجعات. وخصص له ولأسرته سكننا فاخرا في مصر مع راتب شهري. وصرف له جواز سفر دبلوماسي وفي خانة المهنة كتب ملك.

 

بينما الامام البدر رحمة الله عليه كتب في وصيته ان يوارى الثرى في اليمن. فرفض النظام الجمهوري وصية ملك اليمن.

 

لقد خاصم الجمهوريون ففجروا وعاثوا.

 

فاروق المفلحي