البِّس هو المالك الأصلي...
عبدالقوي الشامي
الدعوة التي وجهها الأستاذ محمد قحطان لإصدار قرار رئاسي يقضي بـ : إعادة منزل الرئيس علي سالم البيض للمالك الأصلي (المسيو/ أنتوني بس), لم تأتي لذاتها ولا تمثل صحوة قحطانية او إصلاحية لإحقاق الحق, فالحق الجنوبي أثقل مما يقولون واوسع مما يضمرون, وان بدت كإجتهاد قحطاني نظيف من اي غبار او بانت تأصيلاً قانونياً للحق المجرد, فإنها في الواقع مؤشر على نية الزج بنا كجنوبيين في فخ التنصل من الملكية الإجتماعية للسكن, كما وتمثل تحدٍ خطير للمواطن الجنوبي البسيط, يتهدده فيما تبقى له من وساءل العيش الكريم, ملكية السكن .
لذا دعونا نسلط شيئاً من الضوء على المترتبات الإجتماعية للدعوة جنوباً.
الفكرة لم تأت طعناً في الحق الشخصي للرئيس علي سالم البيض, ولا حرصاً على مال حميد الأحمر الـ(حر) فالكل يدرك : ان الأثنين لا يعيران كثير إهتمام لملكية سكن, فلدى كل منهما ما يقيه هكذا عناء, وانما تأتي طعناً في اللحم الحي للمواطن الجنوبي, وتحديداً الموظف, العامل والعسكري, المحالون قسراً للمعاش غير المدفوع في الغالب الإعم, فالتقديرات تشير أن ما يربوا على 90% من سكان عدن العاصمة لما قبل الوحدة وحوالي 20% من سكان عواصم المحافظات الجنوبية, لذات الفترة, يبتزهم شيطان فكرة قحطان القائم على معادلة : سقف السكن مشروط بسقف الوحدة أو الشارع سقفاً لكليهما الحراك والسكن.
ففشل الأصلاح في اختراق الشارع الجنوبي دفع قياداته الى إستدعاء الحقبة البريطانية من الأستعمار بإستحضار الـ(المالك الإصلي) غير المحلي, رموز إقتصاد تلك الحقبة مثل المسيو (انتوني بس), (السير لوك توماس) و (السيد بيكاجي قهوجي دنشاو) وغيرهم من رجالات (تاكس فري شوب) رجالات المال العابر للقارات لتلك الحقبه.. ففكرة (المالك الأصلي) شيطانية من حيث الزمان والمكان, يبدو إنها دُرست بعناية فائقة ليس حباً في الـ(بس) وإنما في خنَّاقه رجل السياسة (الأصلاحي) الذي يبدو إنه عُدِمَ السُبل لإقناع الجنوبيين بأفضليته, فلجأ الى العظام النَخِرِّه, من حيث الزمان: قبل أيام من انطلاق ورشة الحوار التي يريدوها وطنية, بأي ثمن, ومن حيث المكان: إجتماع في الطريق اسموه "مجلس المدينة" لادراكهم ان البيت أساس المدينة, وبذلك تكون الدعوة مبررة ولا غبار سياسي عليها.
فالمال الـ(حر) حسب تعبير القطب الإصلاحي, الذي دُفع لشراء بيت البيض في عدن, دون علم البيض, جاهز لتشليح المواطن الجنوبي من ملكية سكنه, دون علمه, فعقد التمليك الصادر خلال الحقبة الشطربة هو للأمير كما هو للغفير, فيما عقد اليوم فيه المالك (الأصلي) فرنسي والبائع سنحاني .. والمشتري من ظليمة .. والبيت في عدن .. و(دقي يا مزيكا على قول عبده زغير) .. الفكرة بمليون, كما يقول المثل, ولكنها في هكذا (حر)ية جمع المال تساوي قيمة وطن, وفي هكذا عرف, الأوطان تباع وتشترى. ومفهوم المال الـ(حر) يحتاج هنا الى توضيح قحطاني او إصلاحي: هل هو المال قبل الغسيل او بعد الغسيل؟
ظاهر الفكرة, احقاقاً للحق, أما باطنها فحدث ولا حرج: إذ بها يهدفون أعادة البناء الديمغرافي والجيوسياسي لعاصمة الجنوب عدن تحديداً وعواصم المحافظات الجنوبية بشكل عام, بما يؤمن الخلاص من صداع الوطن الجنوبي ومن شقيقة الهوية الجنوبية, ويجنيب الإصلاحيين على وجه التحديد عناء وتكاليف حافلات النقل, وبدل انتقال الإعضاء كلما استدعتهم الحاجة للتظاهر في عدن او المكلاء, كما ولن يعد الشيخ صادق الإحمر بحاجه الى سكاكين ليُقطِّع بها السنة الجنوبيين المنادين بالحقوق الوطنية والسياسية.
وإذا كانت الدعوة بالدعوة تذكر (مع الإعتذار لتحوير المثل), فدعوة الأستاذ قحطان تذكر بدعوة الشيخ صادق التي اطلقها في 6 إكتوبر خلال إفتتاح الإجتماع الأول لتحالف قبائل اليمن, لمن اسماه (الحراك الإنفصالي) دعاهم لترك السلاح واللجوء الى طاولة الحوار .. تلك الدعوة إستحضرت في ذهني إجابة الشاعر التشيلي (بابلونيرودا) على السئوال: اين السلاح؟ الذي وجهه اليه قائد العسكر الذين اقتحموا منزله بعد إطاحت الديكتاتور(بينوشيه) بحكومة ( لليندي) المنتخبة ديمقراطياً, كان رد الشاعر: السلاح على اكتافكم ايها الجنرال, أما انا فـ" الشعرهو سلاحي الوحيد".
ونحن نقول السلاح على أكتافكم ايها الشيخ وفي مخازن الحصبة وعمران, إما الجنوب فحراكه بدأ سلمي وسيبقى كذلك حتى عودة الجنوب بنفطة وشركاته وبنوكة لجميع أبناءه, وإن بلغت أسلحتكم الحلاقيم .. ويبقى السئوال عن ماهية الصفة التي دأبتم ايها الشيخ على تهديد الجنوبيين بأسمها هل هي المشيخة التي لا تسري على الجنوب؟.. ام الحكومة التي لا نعلم لكم بها مباشرة صله؟ .. ام ما سيكون في موضوع الرئاسة؟ ام انه غرور السلاح؟ أم اي شيىء آخر الله أعلم. فعلى رسلكم إيها السادة والشيوخ تمهلوا في اطلاق العنان لتهديداتكم وتوعداتكم للجنوبيين فلدينا حزب واحد اسمه الجنوب, وشيخ واحد فقط أسمه عثمان, وهو جزء اصيل من الوطن, وفي الجنوب شعب حي وليس مجرد أصول ثابته لشركة قابضه بأسم مستعمر الإمس أو مستعمر اليوم.