إذا كانت هذه هي الوحدة فأنا إنفصالي, عبارة قيلت قبل 19 عام, وكان أحد صحفيي أبين لا أمتلك حق التصريح بأسمه, أول من قالها علناً قبل إن تضع الحرب أوزارها, كرد فعل عاطفي على نعوت الرِّده والأنفصال التي كانت تطال كل جنوبي تمسك بكرامته إدانةً للأحتلال,
وفي وقت أعتقد التتار إنهم سحقوا كرامة الجنوب بجنازير الدبابات ودانات المدافع وبقذائف الميج والسيخوي.
صيغة العبارة تحذيرية تقطع إن: التبني الجنوبي للإنفصال بدأ رد فعل تحذيري معلل بالدمار والنهب وهمجية التخاطب أكثر منه ابتداءً, كمناجاة لفعل تقريري, وثبت لاحقاً بالأدلة إن فكرة الأنفصال من حيث المعنى والمبنى شمالية, بذرها حزب الإصلاح بلسان شيخيه الزنداني وصعتر بالدعوة للإستفتاء بلا لدستور الوحدة العام 91م, وكبَّرها الديلمي بفتوى إهدار دم الجنوبيين ليحصدها محمد الأمام بتكفيرهم. مما مهد الأرضية, للغة التخاطب والممارسة (أنت إنفصالي) التي يسمعها كل جنوبي, مطلوب إسكات شكواه من مظلمة, او صده عن حق أصيل, وما نقل الأنفصال من قول الى فعل وبالتالي الى هدف إستراتيجي جنوبي هو: التمادي الرسمي والشعبي الشمالي, التمادي في إستخدام الإنفصال كفزاعة للإبتزاز الخاص والعام: قي الشارع, في مقر العمل في المدرسة في المقهى في الجامع (الكلام غير مرسل وإنما معاش) فالجنوبي في حديثهم وأدائهم اليومي إنفصالي حتى قبل إن يخرج من بطن أمه!
وهو ما ذهب اليه الدكتور صالح علي باصره عضو لجنة الحوار من إستنتاج بـ: إستحالة توحيد المناطق الجنوبية والشمالية, مُرجعاً السبب لـ(عدم مقدرة سكان تلك المناطق على الاندماج مع طبيعة وتقاليد اهل تلك المناطق) الكلام كان مفاجأه, كون الرجل ارتبط أكاديمياً بالنظام على نحو لصيق منذ حرب 94, لكنني لم أتفاجأ, فقد سمعت منه كلام مشابه على هامش لقاء صحفي اجريته معه كرئيس لجامعة عدن, نشر في جريدة "الشرق الأوسط" نهاية العام 94م إذ شكى الرجل من ما أسماه الأنفصام اوالأنفصال في تعامل الشماليين مع الجنوبيين مستشهداً بتعامل وزارة التعليم العالي مع جامعة عدن على عكس تعاملها مع جامعة صنعاء ودلل بـ نسبة الميزانية المعتمدة للأولى بنسبة لا تقارن مع الثانية.
كما وللوحدة حكايات جنوبية ذكَّرنا بها إستناج الدكتور باصالح نعيد تناولها تذكيراً للإخوة أعضاء لجنة الحوار عَلَ فيها الهاماً لتدقيق وتنظيم الصفوف على نحو افضل. أعتقد أنهم يتذكرون الموقف الرجولي المبكر لأطفال الجنوب الأربعه:
1 - علي محمد السعدي 13 سنه
2 - يونس حسن سعد 12 سنة
3 - نازح ناجي نازح 12 سنه
4 - محمد عبد الله حمود 11 سنه
الذين حاولوا إغتيال صورة الرئيس (المخلوع) بـ(السلاح) في أكتوبر 2008, بمنطقة الفتح محافظة عدن. ببرائة الأطفال أرادوها تصفية حسابات مع(الوحدة) الصورة ازاء ما أقترفته بحق طفولتهم, بحق آبائهم ووطنهم الجنوب وكان الهدف ايصال الرسالة للصورة بـ(السلاح) الصورة, ولكن الرسالة ودون قصد منهم وصلت شديدة التأثير الى الإصل ليُسجنوا وآبائهم والجيران. ولإن (السلاح) الصورة عكس حقيقة الموقف في الجنوب وما يختلج في وجدان أبنائه صغاراً وكبار من رغبة في الإنسلاخ عن العربدة والهمجية. كما عكست (الوحدة) الصورة حقيقة النية المبيته, فقد أثارت رسالة الطفل الجنوبي ردود أفعال متباينة بين الجنوب والشمال.
ومن ردود الأفعال على رسالة الطفل الجنوبي ما يُثَّني على الإستحالة الوحدة التي خلص اليها الدكتور باصرة, فقد جاء في تعليق رقم 2 على خبر إعتقال الإطفال الأربعة المنشور في موقع (مأرب برس) في 14 أكتوبر 2008 بإسم العديني ( شمالي) بعنوان "يحيى العدل" جاء بالنص: (( الحقيقة من اشكال الاطفال يمكن ان يكونوا في المستقبل خطيرين عندما يبلغون السن القانونية الا ان اليمن لا قوانين تحكمها فقد اخذوا حقهم مبكرين على يد حرس الولد احمد علي عبد الله عاشت العداله عاشة العداله وتسقط النذاله)) .. أما التعليق رقم 9 فكان بأسم "عدني وأفتخر" (جنوبي) وبعنوان "تحيا التغيير" ونصه ((انه العار بعينه ..انها الكارثة التي حلت علينا من نظام 7/7))..
لم يكن الطفل الجنوبي لوحده إنفصالي, بل إن الجنين الجنوبي هو الأخر إنفصالي حتى قبل إن يخرج من بطن أمه ففي فجر احد أيام أكتوبر الماضي جاء في (موقع عدن الغد) في 22 إكتوبر الماضي. إعتلت إحدى عيون الوحدة, مدرعة عسكرية في منطقة البساتين بمحافظة عدن, لتكتشف المؤامرة, التي كان يخطط لها الجنين الأنفصالي, وهو في بطن أمه (فيروز اليافعي) النائمة على سريرها فأفشلت المؤامرة بقتل الجنين الأنفصالي وأمه وأنتصرت الوحدة...
رُب قائل بإن الوحدة بريئة من هكذا أعمال فردية .. سنتفق بالرأي, أن كان هناك جريمة واحدة كان فيها المعتدي شمالي والمعتدى عليه جنوبي, وقدم صاحبها للمحاكمة, أو أقله لتحقيق ولو صوَّري, ساعتها يمكن تبرئة الوحدة وإدانة المجرم (عشرات الألآف من جرائم مال, عِرض وأرض) لا يعرف لها جانٍ سوى إنه شمالي .. نعم الخلل ليس في الوحدة وإنما في أستحالة تطبيقها في الواقع الذي تحدث عنه الدكتور صالح علي باصره لقناة اليمن السعيدة في 2 إبريل الحالي فالخلل في(السكان والطبيعة والتقاليد والمناطق) ودعونا من المكابره بتضخيم فوبيا الإنفصال.. فما زلت أذكر صديق طفولتي الشمالي محمد سلطان عبدالكريم بخير وود كبيرين.