كهرباء يا محسنين..!

2018-05-01 07:57

 

* من عاش في (عدن) ثم غادرها قبل عشرين عاما، لا شك أنه تشبع بالكثير من معاناة أبناء (عدن) مع فصل الصيف الحارق بالذات ..

 

* في ذلك الوقت كان التعايش السلمي مع الحرارة المرتفعة، والرطوبة العالية، أمرا مقبولا، لا ينطوي على مخاطرة، في ظل استتاب منظومة الكهرباء..

 

* كنا من قبل نخوض مع (الصيف) جولات وجولات من المعاناة والمكابدة، وكنا نسقط أمامه بالنقاط، وليس بالضربة القاضية، رغم أننا نبحث عن (طراوة) تحت مروحة تكهر كهيرا، أو نسمة هواء من شرفة تختلط برطوبة تغسلك غسيلا..

 

* إذا كان هذا هو حال أبناء (عدن) مع وحشية الصيف اللاهب القائظ، في وجود كهرباء تعمل بنظام الساعة، فكيف سيكون حالنا وحالهم مع صيف بدون كهرباء، كما يحدث اليوم..؟!

 

* أستطيع أن أحلف أمام أقرب جامع، أو حتى أمام بوابة (معاشيق)، حيث أعضاء الحكومة يعيشون نعيم الصيف البارد، أن من يعيش في عدن صيفا هو (فدائي) بامتياز ، يستحق أن ينال الميدالية الذهبية في قدرة الاحتمال والتحمل..

 

* تبدو الصورة (البانورامية) للكهرباء في (عدن) واضحة للغاية، الأمر الذي يفسر دخول كميات مهولة من الشموع والألواح الشمسية إلى (عدن)..

 

* أطل (الصيف) بذنبه، (لم يدخل رأسه بعد)، فبدأ موال مضغ العادة، مجرد كلام عن دعم الكهرباء، وصيانة الغلايات، فيما المردود العام يشير إلى ارتفاع منسوب (طفي .. لصي) بطريقة تدفعك للخروج من ملابسك، رغم ما ينطوي على الفعل من سلوك مشين ..

 

* من يسكن المناطق الساحلية يعلم أن صيف (عدن) جحيم، تضعك حرارته الملتهبة على صفيح ساخن ، لا تنفع معه (مروحة)، ولا يخفف من أواره نسمات شاطئ تتلاعب به الرياح الساخنة..

 

* بصراحة كنت متفائلا بحلول سريعة وخاطفة تعيد لمنظومة الكهرباء نبضات الحياة، ولو بنظام مغناة (فيروز) الحبايب اثنين اثنين، لولا أنني شاهدت محلات الأدوات الكهربائية وهي تموج بالمواطير الصينية، والألواح الشمسية، إضافة إلى سريالية دخول الشموع بصورة ملفتة للنظر (رهين المحبسين)، وهو ما يدفعنا للتساؤل: هل لدخول الشموع والمواطير علاقة بلعن الظلام بإشعال (شمعة)، خصوصا وأن المواطير تحرضنا على طلب (النور) ولو من الصين..؟

 

* في الصيف الحار، بعيدا عن إسناد الكهرباء (العيانة) يموت أطفالنا حرقا، وتزهق أرواح شيوخنا الركع قهرا، في حين تتحول أجساد المواطنين الفدائيين إلى أفران تغني عن استذكار حكاية الكي كآخر العلاج، بطريقة يصرخ معها المواطن (المحروق): قليل كهرباء يا محسنين..

 

* هناك من جعل من كهرباء (عدن) لغزا استعصى فهمه، نسقط أمامه بالضربة الفنية القاضية، وبصورة تزعج مخترع الكهرباء (توماس أديسون) في قبره..

 

لم نعد ندري هل ما يحدث لنا من عقاب غير إنساني عمل مدبر من أطراف سياسية تلعب على حبال المتناقضات؟ أم أن ما يحدث نتاج تواطؤ بين الحكومة وتجار الجشع الذين يرغموننا على شراء الألواح والماطورات الصينية المزعجة..؟

 

* هل ما يحدث للمواطن مع الكهرباء نتاج عبث إداري؟ أم عجز في الطاقة وتهالك في منظومتها؟

 

هل الموضوع يتعلق باختلال أخلاقي واعتلال سياسي ..؟

 

* لا يجب أن تظل الحكومة أمام هجمات الصيف الشرسة مغلولة الأيدي والعقول، ولا يجوز أن تطعمنا شعارات ووعود عرقوبية، فيما المؤشر العام يشير إلى حقيقة أن الوضحات من الفاضحات..

 

* الأسبوع الماضي احتفلت ما يزيد عن مائة دولة بيوم الأرض، تحت جنح الظلام لما يربو عن الساعة، دخلت فيها منظومة الكهرباء لحظة (انطفاء)، لو أن المنظمين يعلمون أن هناك دولة على كوكب الأرض تعيش في ظلام دامس طوال فصول السنة، لربما تحصلت حكومتنا على وسام يوم الأرض.. وكم من جرائم إنسانية ترتكب بسببك يا يوم الأرض..!