مقدمة:
تواجه الأمة العربية والإسلامية أخطر مشروع واجهته طوال تاريخها ويهدد وجودها ككيانات تمثلها الدولة الوطنية ومعتقد يمثله دين الإسلام بسماحته ورحمته، وعالميته وإنسانيته، فهذا المشروع يعمل على تفتيت الدولة الوطنية عرقياً وطائفياً ومذهبياً، ويعمل على تشويه صورة الإسلام وتقديمه كدين عنف وإرهاب وقتل، لا وجود فيه للرحمة والتعايش والإنسانية والتطور والحضارة. ويعمل هذا المشروع لتحقيق أهدافه من خلال أدواته التي تشمل دول ومنظمات وأحزاب وأفراد وضعت نفسها في خدمة المشروع البعض منها -يعتقد لغياب بصره وبصيرته- مقابل مكاسب تعتقد أنها ستحصل عليها، والأخر يعمل كأداة منفذة للمشروع.
البدايات:
١- (لا بد من تقوية الميول الإنفصالية والإنعزالية للأقليات في العالم العربي والإسلامي وتحريكها لتدمير مجتمعاتها المستقرة) ديفيد بن جوريون لإسحاق شامير، نشرها شامير في مذكراته. ٢-( استقرار اسرائيل لا بد أن يكون على حساب انهيار المجتمعات العربية، وأن استراتيجية تفتيت العالم العربي تبدأ من اللعب على المُكَوّن الطائفي، وإثارة التناقضات بين هذه الطائفة أو تلك) أريل شارون في محاضرة له عام ١٩٨١م.
ذلك هو المخطط الذي سار عليه لويس وأدوات المشروع في المنطقة.
من هو برنارد لويس؟
مستشرق هضم تاريخ الفرق الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وتخصص بمهمة دراسة المجتمع الإسلامي عبر التاريخ بتكليف من المخابرات البريطانية ، وحصل على شهادة الدكتوراه عن الطائفة الإسماعيلية والحشاشين.
تطوع للحرب مع اسرائيل عام ٦٧.يعتبر بمثابة المرشد العام للمحافظين الجدد، وهو صاحب فلسفة( موت العالم العربي) ككيان سياسي.
نظرة المشروع للعرب والمسلمين.
هذه النظرة جعلها برنارد لويس المبرر لمشروعه فهو يرى( المسلمين والعرب قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضربموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات، وتقوض المجتمعات، وعليه فإن الحل السليم للتعامل معهم هو تدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الإجتماعية وإعادة احتلالهم تحت مسمى الديمقراطية).
فكرة المشروع:
١- تفتيت العالم الإسلامي على أسس دينية ومذهبية وعرقية ليصبح (فسيفساء ورقية)ضعيفة، عن طريق تحويل الصراع إلى صراع عربي عربي إسلامي إسلامي، ٢- تدمير الدولة الوطنية والجيش الوطني.
٣- نشر التطرف والإرهاب والفوضى الخلاقة وتقسيم المنطقة طائفياً.
تسويق المشروع:
هذا المخطط بشر بِه وكتب عنه برنارد لويس في مشروعه المُقَسّم للمنطقة والذي أقره الكونجرس عام ١٩٨٣م، وعوديد ينون في بحثه استراتيجية لإسرائيل الذي نشره في مجلة كيفونيم عام ١٩٨٢م وموشي دايان في لقاءاته مع الصحفي الهندي كرانجيا ونشرها في كتاب خنجر اسرائيل عام ١٩٥٧وتحدث فيها عن خطط حرب هزيمة ٦٧، ورالف بيترز في بحثه حدود الدم عام ٢٠٠٧م في مجلة القوات الجوية الإمريكية،وتقرير مؤسسة راند التابعة للبنتاجون بعنوان بناء شبكات مسلمة معتدلة عام ٢٠٠٧م.
أدوات ووسائل المشروع:
١- إيصال التطرف الشيعي للسلطة في إيران عن طريق ولاية الفقيه مستغلين فقه الإمامة المغلوط.
٣- انشاء منظمات التطرف والإرهاب السني ووصوله للسلطة مستغلين فقه الحاكمية والخلافة المغلوط.
٤-إيجاد منظمات مجتمع مدني مرتبطة بأجهزة أجنبية تمويلاً ورعاية وتدريباً تمهد الطريق لتحريك الجماهير سلمياً، وإدارة الحشود، والتحريض لخلق مناخ عدائي ضد الأنظمة وعلى سبيل المثال منظمة فريدوم هاوس، والمعهد الديمقراطي الإمريكي، ومعهد أيناشتين لمؤسسة جين شارب الذي لعبت أفكاره وكتاباته دوراً فاعلاً ومؤثراً في تثوير الشباب وتوجيههم.
٥- نشر الفوضى الخلاقة واسقاط الدولة الوطنية عن طريق نظرية (أسراب النحل) التي تهدف لإسقاط الأنظمة بطريقة غير تقليدية،مستغلة لتحقيق ذلك ما يلي:
-معاناة الشباب وإحباطهم وغياب أفق المستقبل لديهم ،وقوتهم ونبلهم وطهرهم.
-هِرم الأنظمة وغرقها في مستنقع الفساد وانتهاء صلاحيتها عند رعاة المشروع.
-فشل النماذج الثورية في بناء دولة حديثة تكفل العيش بكرامة.
-أزمة التيار الإسلامي وعلاقته بالعصر وبمفهوم الدولة الوطنية.
وعمدت هذه النظرية على تحريك مجموعة من الشباب مرتبطة بوسائل التواصل الإجتماعي تعمل على تجييش الناس، ودفعهم للإضراب وممارسة الهجوم والإنسحاب عن طريق التحرك المكثف، شبيهاً بحركة أسراب النحل، وتهدف لإيصال المجتمع إلى الإنتفاضة، وبغيبة المشروع والأداة والقيادة لدى الشباب، تتولى القوى الحقيقية المرتبطة بالمشروع الحقيقي استكمال المشروع وقيادته.
٦- إيجاد نسق إعلامي مكون من مراكز بحثية وإنسانية ومنظمات مجتمع مدني وباحثين وصحافة وقنوات تلفزيونية ومنصات تواصل اجتماعي حيث شكل كل ذلك بمجموعه ألة إعلامية ضخمة محترفة ومتمكنة تمهد الطريق للمشروع ولعبت قناة
الجزيرة دوراً محورياً بذلك.
أهداف المشروع:
١- تقسيم المنطقة وتفتيتها.
٢- الهيمنة على الطاقة إنتاج وممرات وتسويق.
٣- تحقيق دولة اسرائيل الكبرى، عن طريق (مشروع الشرق الأوسط
الجديد) حيث تكون فيه اسرائيل القوة المهيمنة العسكرية والإقتصادية، المدعومة بالمال العربي واليد العاملة العربية.
طريق المواجهة والخلاص.
أمام هذا المكر الذي تزول منه الجبال، شأت الأقدار أن يتم إنقلاب اليمن الذي قامت به مليشيات الحوثي صالح ضد شرعية الرئيس هادي ومشروعه الذي عملت دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة على أن يكون مشروع للإستقرار والتنمية والتعايش في اليمن مقابل مشروع التقسيم والتفتيت، مما أوجب قيام تحالف عربي ترأسه المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمواجهة مشروع الإنقلاب في اليمن كأداة لمشروع التفتيت والتجزئة وكذلك مواجهة مشروع تفتيت الدولة الوطنية والمجتمعات في المنطقة، حيث شكل هذا التحالف عملياً مشروع الإنقاذ للأُمة العربية والإسلامية ويقود مواجهة مصيرية ضد مشروع لويس للهيمنة والتقسيم، وعلى الأمة العربية والإسلامية حكومات ونُخَب وشعوب وأفراد أن يعيدوا قراءة المشهد بدقة مستشعرين خطورة المرحلة وأهمية مواجهتها وضرورة الوقوف مع التحالف ومشروعه لإنقاذ الأمة.
د عبده سعيد المغلس