نحن أمة متخلفة، نبحث عن فضل ليلة القدر، وهو بأيدينا، هو قرآن وحي الله وتنزيله وهديه، وهو نور نجاته، فبه حياة الإنسان وسعادته في الدنيا، وجنته في الأخرة، وبتركه شقاؤه في الدنيا وعذاب جهنم بالأخرة، فهو صراط منهج الله المستقيم الذي أنزله للإنسان، وهو مهجور بالرغم أنه بين أيدينا.
ليلة القدر هي الليلة التي تم فيها اشهار القرآن وإنزاله، ومن غرائب الأمة وتخلفها أنها تحتفل بهذه الليلة وتقدسها، وتبحث عن فضلها ومحتواها، في حين أنها هجرت القرآن وتعاليمه، وهو المحتوى والفضل الذي ميز هذه الليلة، وتميزت به، وهو أمر الله الحقيقي الملموس وبأيدينا، هجرت الأمة القرآن، الذي هو الحقيقة الوجودية الوحيدة، والموجودة والملموسة لهذه الليلة، وتمسكت بمرويات عن فضائل لا أساس لها، وما أنزل الله بها من سلطان، فالقرآن هو فضيلة هذه الليلة الوحيدة، فهو روح الله وأمره، حوى معارف الوجود وقوانينه منذ الخلق ليوم الحق، وبه نظرية المعرفة الكونية والإنسانية، فهو مفتاح العبادية والاستخلاف، ولا وجود في هذه الليلة لما تناولته المرويات، فمنذ ١٣٠٠ عام بحسب المرويات، ينتظر المسلمون هذه الليلة وفضلها ليدعون، ويدعون ولم يستجب ويحقق الله شيئاً من دعائهم، لا على المستوى الشخصي، ولا على المستوى الجمعي، والسبب بسيط فخير هذه الليلة هو بين أيديهم أنزله الله بكتاب وحيه القرآن، الذي هجرناه لنبحث عن الوهم.
المرويات عن هذه الليلة هي مثل مرويات المهدي وظهوره، تدفع الناس للتخاذل، وهجر وحي الله، وترك قانون السببية، (الأخذ بالأسباب) ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَیۡنَـٰهُ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ سَبَبࣰا﴾ [الكهف ٨٤] وهو من أهم قوانين الاستخلاف والتطور ،الذي بتركه تخلفت الأمة وانحرفت عن دينها الحق، فهانت.
وصدق الله القائل:
﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ﴾ [القدر ١]
﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةࣲ مُّبَـٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِینَ﴾ [الدخان ٣]
﴿وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ مُبَارَكࣱ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأنعام ١٥٥]
﴿الۤرۚ كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ﴾ [إبراهيم ١]
﴿كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ مُبَـٰرَكࣱ لِّیَدَّبَّرُوۤا۟ ءَایَـٰتِهِۦ وَلِیَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ [ص ٢٩]
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم مَّوۡعِظَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَاۤءࣱ لِّمَا فِی ٱلصُّدُورِ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [يونس ٥٧]
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَاۤءࣱ وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ وَلَا یَزِیدُ ٱلظَّـٰلِمِینَ إِلَّا خَسَارࣰا﴾ [الإسراء ٨٢]
﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَـٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِیࣰّا لَّقَالُوا۟ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَایَـٰتُهُۥۤۖ ءَا۬عۡجَمِیࣱّ وَعَرَبِیࣱّۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هُدࣰى وَشِفَاۤءࣱۚ وَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ فِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣱ وَهُوَ عَلَیۡهِمۡ عَمًىۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ﴾ [فصلت ٤٤]
﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورࣰا﴾ [الفرقان ٣٠]
لا مخرج لنا من الوهم والضنك غير استعادة دين الله الحق ووحي كتابه
﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ﴾ [طه ١٢٤]
د عبده سعيد المغلس
٢٦ رمضان ١٤٤٤