سنوات تمضي دون تغيير، حصادها يتكرر، بين مرارات الحروب ومعاناتها، والتخلف ونتاجه، قوارع الدهر، ونكبات السنين، في تتابع على الأمة، ولا همم تقوم، ولا عقول تستيقظ، وما زلنا في جهلنا وغينا غافلين. عام مضى على الأمة، مثل أعوام خلت، وعقود مضت، وأمتنا ماضية، في حالة الشتات، والتخلف، والصراع، والحروب.
فما هو الخلل والزلل؟
الدين في كتاب وحي الله، نظام حياة متكامل، وضعه الله لصالح الإنسان، هادياً له، ومنظماً لحياته وعلاقاته، بالله، والناس، والوجود، فبدين الله، يمارس الإنسان دورة استخلافه، ويفوز بِحُسْنَى الدنيا والأخرة.
وواقع الحال يؤكد أن كل ما تمر به أمتنا، من محن وحصاد مُر، ومعيشة ضنكا، سببه وفق سنن الله، خلل في منهج الله، ودينه الحق، أحدثه الفقه المغلوط، الذي حل محل دين الله الحق، وجعل الأمة تهجر قرآنها ودينها، وبهذا الهجر، تركت قراءة كتاب دينها الحق، كما تركت قراءة واقعها وأحداثه، وحصاده المر ، فخرجت من الاستخلاف والريادة والقيادة، ودخلت في صراع وحروب طوال تاريخها، بين فرق ومذاهب الدين البديل "الفقه المغلوط"، ما بين إمام غائب بفقيه ينوبه، ودعاة آل محمد وبنيه وادعاء وراثتهم لعلوم النبوة والدين، والحكم والسلطان، وبين مليشيات التطرف والإرهاب، وأقوام فرقت دين الله شيعاً وأحزاب، كل حزب بما لديهم فرحون، وكل جماعة منهم تدعي أنها الفرقة الناجية، والممثلة الصادقة لرسول الله ورسالته، والله يقول فيهم مبريئاً رسوله ورسالته منهم ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ﴾ [الأنعام ١٥٩].
هذا هو داء الأمة العضال وقاتلها، الذي أدخلها بدورات من حروب الكراهية والعنصرية والعصبية، تدور بدورات السنين المتعاقبة، تقتل ابنائها، وتدمر أوطانها وتُنهك شعوبها، مما جعل اعدائها يطمعون فيها، ويشعلون نيران البغضاء والكراهية بين دولها وشعوبها، ليستعمروا دولها، ويقضون على دولها الوطنية وجيوشها، دولة إثر أخرى، لينهبون ثرواتها، ويمكنون كيانهم الغاصب من الهيمنة والتمدد، ولا عبرة لمن سحقته المأساة، ولا لمن تبقى ينتظر دوره، نسأل الله أن يكون العام القادم، عام فيه يغاث الناس، باستعادة وعيهم، وعقولهم،وحواسهم، وقرآنهم، ودين الله الحق، ليخرجوا من سنوات التيه وحصادها المر.
وكل عام وأنتم لسنوات التيه تاركون.
د عبده سعيد المغلس
١-١-٢٠٢٤ م