فرج سالمين وموقف من مواقف التاريخ في حرب 94

2017-04-21 15:57

 

تذكرت موقفاً من مواقف حرب 94 ، وكنت كل ما تذكرته ، تنتابني الحسرة والألم .. أتذكر الأخ فرج سالمين البحسني الذي عُين في آخر مراحل الحرب قائداً لجبهة خَرَز- والتي توسعت وأمتدت نتيجة النقص في القوات حتى قرب بئر أحمد تقريباً - وأتذكر الموقع المقابل لمصنع كندا دراي في جولة كالتكس - حيث كان مقر قيادة اللواء الثالث مدرع ، الذي لم يتبق منه إلا القليل ، والذي كان قد أستلم دُفعة من المدفعية ذاتية الحركة الواصلة حديثاً ، وكانت الجبهات بأشد الحاجة إليها ، وخاصة جبهة خرز بسبب إتساعها والنقص في عدد القوات المدافعة ..

 

فقد حضر الأخ فرج سالمين الى قيادة اللواء وكنا قد وصلنا معه مرافقين له من صلاح الدين ، الأخ نجيب العطاس الذي كان في سلاح الصواريخ وأنا كنت برفقته حينها وقد كنت ضمن مجموعة في فريق مدني خاص بالحث من أجل التعبئة ، وذهب الأخ فرج سالمين لمطالبة قيادة اللواء ببعض قطع المدفعية ذاتية الحركة لإستخدامها من أجل الدفاع عن عدن ، وربما الدفاع في الخط الأخير ، وقد اتضح فيما بعد أنه كان كذلك ! .. وبعد أخذ ورد وإلحاح شديد وصراخ من الأخ نجيب العطاس ومني ، لأن خطورة الموقف كانت تشكل ضغطاً رهيباً على الأعصاب ، ومع هذا فقد كان الأخ فرج الوحيد بيننا الهادئ ظاهرياً ، مع انه كان يغلي ألماً من الداخل ، وقد شاهدت الدموع تترقرق في عينيه من شدة الألم لما يحدث أمامه .. وكما قلت بعد صعوبة شديدة أستطعنا إنتزاع ثلاث قطع من اجل جبهة خرز وجاءت مشكلة التشغيل والقيادة حتى الموقع ..

 

أستطاع الأخ نجيب العطاس حل مشكلة القيادة حتى الموقع في خرز على أن يدبر بقية أمور التشغيل الأخ فرج سالمين هناك ، وقد كان الحل متمثلاً بثلاثة من الشباب الأبطال الذين تولوا المهمة بصورة بطولية وفدائية وهم من الشباب ذوي الخبرة في قيادة الحراثات الزراعية من شباب بئر أحمد ! .. لقد كان الوضع يشبه ما يحدث في الأساطير .. ولكنه حقيقياً وليس من نوع الروايات الخيالية التي وردت في (حكاوي الزنداني) .. وبعد تجربة قصيرة لدقائق ، أنطلقت القطع الثلاث ونحن معها في طريق البريقة ومن ثم أتجهت إلى خرز حيث شاركت في المعارك الأخيرة ، وقد دخلت التاريخ بإعتبارها القطع الوحيدة من المدفعية ذاتية الحركة الجديدة التي شاركت في الدفاع عن عدن حتى وقوعها تحت الإحتلال في 7/7/1994 ..

 

لكنني اليوم في أتم التأكد بأن الأخ فرج سالمين البحسني قد نسى كل أحاسيس الألم والحسرة وأستبدلها بالفخر وهو يدخل المكلا منتصراً ، وعرفت أن النصر يصنعه الإصرار عليه ، وأن الهزيمة يكون من اهم أسبابها الخذلان .. لقد مسح فرج سالمين ألمه ومسحنا معه آلامنا بالنصر الذي تحقق على يد الأبطال من أمثال فرج سالمين ومن هم مثله في جميع الجبهات في الحرب مؤخراً ضد الغزاة ، وربما ليست الأخيرة ..والحمدلله الذي زرع الإبتسامة على شفاه البطل فرج سالمين بعد أن كدّرها الحزن في 94 .