الجنوب ... و ‘‘بيت الطاعة‘‘

2016-03-25 16:37

 

لم تعد مجريات الأمور تجري بما تشتهي السفن على الجنوب ..إذ المراقب لما تفرزه بؤر الصراع اليمنية في هذه الحرب الدائرة يرى أن لامفضيات تلوح في الأفق لإنتزاع نصر قاطع تحت يافطة ( الشرعية ) والدليل على ذلك مايحدث عن تقدم يرافقه إنكسارات في غالبية الجبهات بمراوحة تثير حولها الشكوك مع إرتفاع منسوب التسوية السياسية في الآلة الإعلامية التي تبثها القنوات الشرعية وهو مايؤكد على وجود حالة من عدم الإنجاز في الأهداف المعلنة وغير المعلنة من الحرب .

 

من كل ذلك يقف الجنوب بكل جغرافيته في منطقة الظل فيما يعتمل ويرسم له من مفضيات الصراع على إعتبار أن الخصم المشترك في الصراع يلعب بكل أوراقه مشتركا ومنفردا في سبيل إبقاء الجنوب محلك سر وفي ذات المربع ماقبل الحرب على ماسمي ب( الإنقلابيين على الشرعية ) وهو مدعاة خوفهم من امتلاكه لناصيته وترتيب أوراقه والخروج من هذه الحرب بعيدا عن نظام صنعاء ومنظومة الحكم القبلي اليمني وهو مانراه اليوم يتشكل بجلاء خافيا أهدافه هذه بالتماهي مع الشرعية والتباهي بها كما أن إدراك ( دول التحالف ) لماتخفيه هذه القوى جعلها - تحت خوف الهزيمة - ترضخ للأمر الواقع وتعيد رسم توجهاتها وفق مصالحها لامصالح الجنوب وإن مد لها يد العون في تعزيز موقفها على ساحة القتال ، وقدم لها طوق النجاة ، كماهي بالمثل قدمت له البسط على أرضه بتعزيزه عسكريا .

 

والسؤال الذي تقف الأذهان حائرة فيه لماذا لم يستفد الجنوب ودول التحالف معا من استثمار هذا الإنتصار وقطف ثماره نحو تحقيق غايات حسم الصراع ضد الخصم وصولا به الى مبتغاهم ؟!

لعل البحث عن جواب في ظل معمعة هذا الصراع قد يجعلنا نستبق الأحداث ونؤكد على أمرين هامين هما :

- أن الجنوب رغم نضالاته الطويلة سلميا وحتى نجاحاته عسكريا وما حققه فيها من إنتصارات مثلت المعجزة لم ترق قياداته الى مستوى ذلك الإنجاز وظلت حبيسة أفكار صراعها السياسي التكتلي البيني غير متجاوزة له ولا الى تضحيات الشعب الجنوبي وهي كما نراها متخبطة وحائرة وزادها إختراقات النظام وبالا على مابها من آفات وظلت هي بذات المستوى من التردي الذي يوشك أن تضيع معه أوراق اللعبة إذا لم تكن قد ضاعت جلها وبدأ من حيث لايدري يساهم فعليا الى ضياع نصره وفرصته التاريخية في عودة دولته التي تنازل عنها في ١٩٩٠ م .

- أن دول التحالف بمستوى الأقليم المجاور لم يكن من أهدافها سوى تأمين نفسها من خطر يهددها وفق صراع إقليمي غير مباشر وكانت ( عودة الشرعية) غطاءا شرعيا لتحقيق ذلك وماعداها كالقضية الجنوبية هي أوراق إستثمرتها ولازالت مستمرة نحو الضغط على بقية أطراف الصراع في الرضوخ لشروطها وهي مافهمته هذه الأطراف وتجاوبت معه بإيجابية نحو تحقيق هدفها الوحيد في عودة الجنوب الى بيت الطاعة وهو مانرى احتمالية الرضوخ له من القوى الإقليمية في ظل إطالة أمد الحرب وكلفتها الباهضة التي يتوجب معها المضي في ذلك ، سبيلا منهم للخروج من المأزق ولو على حساب شعب الجنوب وقضيته .

 

الجنوب اليوم عليه قراءة المشهد بشكل مغاير وإعادة حساباته توازنيا مع متطلبات وأهداف القوى الإقليمية الفاعلة بإتجاه حلحلة كل المواقف والملفات والإشتغال على تصفية ملعبه الجغرافي كلية من بقايا النظام وحسم خلافاته السياسية بجدية وبسرعة فائقة قبل أن يحسم النظام بقواه المتصارعة صراعاته ويتفق موحدا مع قوى الإقليم في تنفيذ أهدافه بشرط عودة الجنوب الى بيت الطاعة بقوة التحالف .تحت يافطة الشرعية وهو ماتشم رائحته اليوم من مطابخ نظام صنعاء.. !!

أكرم باشكيل

٢٠١٦/٣/٢١ م