بحلول أوائل أكتوبر تكون قد مرت ستة أشهر من عمر الحكم الثنائي للمكلا وساحل حضرموت ، حكم القاعدة و (المجلس الاهلي) . وإذا كان لنا ان نختار عنوانا لهذه المرحلة ، فسنختار (التدمير الشامل) ، بالمعنى
الحرفي والمجازي للكلمة .
فالتدمير لم يقتصر فقط على البنوك والمنشآت او القبور والقباب ، ولكنه امتد ليشمل مختلف أوجه الحياة في المحافظة : الخدمات والاقتصاد والتجارة والتعليم والصحة والبيئة.... الخ .
وبالتزامن مع موسم التدمير هذا ، انتعش التهريب ،والسوق السوداء ، والتلاعب بالاسعار وبخاصة في المحروقات ، الامر الذي حول حياة المواطن الى معاناة يومية لا تحتمل . وكله ، (بما يرضي الله) .
وحتى نكون منصفين ، فهناك مجال واحد ووحيد شهد ويشهد تحسنا ملموسا خلال هذه الفترة ، وهو مداخيل الحكام الجدد وعمولاتهم وامتيازاتهم . كما يمكن ان تحسب لهم حسنة وحيدة ، وهي تعميم ثقافة المازوت.
فعندما جاءوا كان الكثيرون لا يعرفون شيئا عن المازوت ، اما اليوم فقد اصبح حتى الأطفال يعرفون أسعاره ، ومواصفاته واستخداماته .
وغني عن القول ، ان احدا لا يتوقع منهم ان يظهروا شيئا من الاهتمام بالبناء ، اذ يكفي فقط ان يتوقفوا عن الهدم والتدمير .
ان المفارقة الكبرى في هذا المشهد ، هي ان كل هذه المعاناة التي يتعرض لها المواطن في حضرموت ، ليست من انتاج جحافل الحوثي _ عفاش ، وإنما تأتي في سياق حماية حضرموت من جحافل الحوثي _ عفاش .
وعلينا ان نقتنع بذلك ، تماما ، كما يطلب منا ان نقتنع ان ٦٥ فردا اسقطوا ، في ساعات ، المنطقة العسكرية الثانية وملحقاتها ، من أمن مركزي وعام ... الخ .
لقد جاء تشكيل ( المجلس الاهلي ) مشروطا بانسحاب القاعدة ، كما تقول قيادة المجلس . ولكنه ، في نفس الوقت ، كان مشروطا بعدم الاعتراف بالشرعية ، كما تقول القاعدة. وهذا التناقض هو أس المشكلة.
فمن ناحية ، هناك انقلاب على الشرعية ، ومع ذلك يطالب المجلس الشرعية بمساعدته في مواجهة اعباء الانقلاب. وهذه حالة سوريالية لم نسمع بمثيل لها في التاريخ المعلوم. فإما ان تعملوا او ترحلوا .
ومن ناحية اخرى فان استمرار الطرفين في سدة الحكم ، يعني ازدواجية القرار وبالتالي تمييع المسؤولية ، الا اذا كان الطرفان واحد.
وفي المقابل الاخر ، نذكر الحكومة ونقول لها ان هناك محافظة مهمة اسمها حضرموت فرطت فيها قواتكم وهي ترزح تحت حكم القاعدة منذ ستة أشهر وإنها (اي الحكومة ) فشلت حتى الان ، في اقناعنا بأنها معنية بإنهاء هذا الوضع الشاذ ورفع المعاناة عن أهل حضرموت .
ونستطيع القول إن كل الأطراف المعنية تدرك ان هذا الوضع لا يملك مقومات الاستمرار والإيفاء بمتطلبات الحكم وان السؤال ليس هل , بل متى وكيف ستنسحب القاعدة ؟
وفي هذه المساحة هناك الكثير مما يمكن عمله , ومن ناحيتنا ، كمواطنين ، وكضحايا لهذه المعاناة ، فلا بد ان نمارس حقنا المشروع في التعبير عن رفضنا لهذا الواقع المرير ، وبصوت مسموع.