في اليمن ،اليوم. ،وضع جديد سيؤرخ لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن ٠وستكون جديدة بالمعنى الإيجابي اذا سادت الحكمة وإذا تم الحفاظ على إتجاه البوصلة باتجاه أهداف الثورة في الشمال وفي الجنوب ٠ ويمكن ان تسير في الاتجاه السلبي اذا غابت الحكمة وانحرفت البوصلة ٠
ولم يكن مستغربا ان تتباين ردود الفعل تجاه ما حدث في صنعاء يوم ٢١ سبتمبر الماضي ، فلكل حساباته٠ولكن المهم ان يعرف الجميع ان للشعب اليمني حساباته ٠ومما لاشك فيه ان مسار الأحداث في قادم الايام ، سيعتمد على مواقف الأطراف المنخرطة في الشأن اليمني ، الداخلية منها والخارجية ٠واود ، في هذه العجالة ،ان أسجل بعض الملاحظات حول مواقف طرفين اثنين بالتحديد هما : دول الجوار ، وأنصار الله ٠
1 - دول الجوار : على الرغم من مباركتها لاتفاق السلم والشراكة ، الا انها لا تبدو مسرورة به ولا بما آلت اليه الأمور في اليمن ٠ولا شك انها تبحث في الخيارات المتاحة ٠ وبتقديري انها امام احد خيارين في التعامل مع الوضع الجديد في اليمن : إما مواجهته او استيعابه ٠
ولا ارى ان المواجهة خيار في الواقع ٠فلا احد يستطيع ان يتحمل كلفتها السياسية ، ناهيك عن الكلفة المادية والبشرية ٠فالمؤكد ان المواجهة ستفتح الباب امام معارك عبثية لا تنتهي ، ولن تتوقف تداعياتها عند حدود اليمن وستكون حصيلتها النهائية الخسارة للجميع ٠
ومن ناحية اخرى ، يجب ان لا يغيب عن بالنا ان الحوثي كان من الذكاء بحيث التقط اللحظة وتبنى شعارات الشعب ومطالبه المشروعة ٠ وبالتالي فان المواجهة ستعني الوقوف في وجه مطالب الشعب ، مع ما سيترتب على ذلك من كلفة أخلاقية ستخصم من رصيد اصحاب هذا الخيار ٠
ولذلك فان الخيار العملي هو الاستيعاب والتعاطي مع الواقع الجديد ومحاولة ترشيده ،على قاعدة قيم الأخوة وحسن الجوار والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل ٠
وفي هذا السياق ، ومن اجل ضمان الاستقرار في اليمن وفي المنطقة ، سيكون من المفيد ان تدعم هذه الدول تطلعات الشعب اليمني في بناء الدولة المدنية الحديثة ، دولة اتحادية ، ديموقراطية ، تتسع للجميع ، وتؤمن الحياة الكريمة للمواطن اليمني ، ودعم حق شعب الجنوب في تقرير مصيره بعد ان انتهت الوحدة بالحرب عام ٩٤ م ٠
لقد كانت دول الجوار شريكا مباشرا او غير مباشر في مسيرة اليمن على مدى العقود الماضية بكل مالها وما عليها ٠ وبالتالي فان اي اخطاء حدثت في الماضي ، لا يمكن علاجها بالمزيد من الأخطاء ٠ ولا بد من ان تمتلك رؤية واضحة تنطلق من قراءة موضوعية للواقع اليمني اليوم ، وعليها قبل كل شئ ،ان تعيد النظر في أسلوب التعامل باليوميه مع المسائل الاستراتيجية ٠
٢ - أنصار الله : أتوجه الى أنصار الله بالملاحظات التالية :
١ - فائض القوة يمكن ان يقود الى احد طريقين :
أ - إما أن يغري صاحبه بالمزيد من الهيمنة والتفرد وتهميش الآخر وبالتالي الدخول في حرب استنزاف تضعف الجميع ٠ أو
ب - ان توجه هذه الطاقة لمعركة البناء والإنجاز ، وبالتالي إضعاف دور الخصوم ،ليس بواسطة القوة والغلبة ولكن من خلال تقديم البديل الأفضل ٠
٢ - رغم كل ما أنجزتموه حتى الآن ،سيظل هناك مجال للطعن في مصداقيتكم ، ما دمتم تحاربون الطاغوت رقم ( ٢ ) وتتخندقون مع الطاغوت رقم ( ١ ) ٠
ولا أستطيع ان استوعب ، حتى الآن ، كيف أصبحتم اقرب الى الرئيس السابق من الرئيس الحالي ، مع انه الأقرب الى أهداف الثورة وشعاراتها !
٣ - كنت أتوقع ان تسجلوا تحفظكم على تكليف بن مبارك ، وان تعلنوا أنكم رغم تحفظكم ،الا أنكم لن تعرقلوا العملية ، حرصاً على سلامة الوطن وحرصا على إنفاذ اتفاق السلم والشراكة ٠ وكنتم ستتخذون هذا الموقف من موقع قوة وليس من موقع ضعف وكنتم بذلك ستضيفون موقفا نبيلا جديدا الى رصيد كم ٠
من ناحية اخرى ، لم يكن خطاب السيد عبد الملك موفقا لجهة النبرة الإستعلائية ، ولم يكن مبررا في بعض فقراته وخاصة الاستهداف الشخصي للرئيس عبد ربه منصور هادي ، في الوقت الذي يضع السيد عبدالملك يده بيد المسؤول الأول عن استدراج التدخل الخارجي في الشأن اليمني على مدى عقود حتى أوصله الى حالة هي اقرب الى الوصاية ٠
عبد المجيد وحدين المكلا ، السبت، 11 / 10 / 2014